قضية “كلنا إسرائليون”.. الشرعي يشرح ل”آذار” سياق كتابة المقال
مر الآن أكثر من شهر عن ضربة ال7 من أكتوبر الذي كان لها ما بعدها في مسار النزاع العربي الإسرائيلي..
وقد كتب عبد ربه، طيلة هذه المدة، قرابة 20 مقالا بمضمون متواضع وواحد هذا مؤداه:
“كلنا فلسطيييييينيون”..
وهذا هو العادي والمطلوب ونحن نرى كل هذه المشاهد من المذابح والمجازر التي يرتكبها المحتل في حق الأطفال وفي حق النساء وفي حق الشيوخ من أصحاب الأرض..
بل هذا هو العادي والمطلوب أيضا من صحافي ضد الاحتلال وضد العدوان وضد التطهير العرقي وضد جرائم الإبادة الجماعية التي يتعرض لها شعب أعزل بغير ذنب..
ولست في حاجة إلى التذكير أيضا بأن كاتب هذه السطور اعتذر، في أدب، مرارا وتكرارا، عن السفر إلى دولة الكيان المعلوم..
كما أعتذر أيضا عن محاورة مسؤولين إسراااااائيليين وازنين في أكثر من مناسبة..
وهذا ما يعرفه جيدا بعض أصدقائي وزملائي المقربين مني وأنا صحافي وقتها بجريدة “المساء” أو في مرحلة ما بعد الربيع العربي خاصة عندما “غزا” المال الخليجي جزءا معتبرا من مشهدنا الإعلامي..
وقد فعلت هذا لأسباب نفسية في المقام الأول رغم أني أومن بأن الصحافي ليس في حاجة إلى إذن من السياسي لكي يسافر إلى أي بؤرة من بؤر النزاع في العالم..
كما أني كنت ولازلت أميز بين التطبيع الرسمي الذي سيظل ربما “إكراها” قد تلجأ إليها الأنظمة لأسباب متعددة أنا لا أعرف عنها أي شيء بالدقة اللازمة..
وبين التطبيع الشعبي الذي يريد، من خلاله، البعض أن يساوي بين الضحية والجلاد ليصبح “المحتل” جزءا من نسيجنا الاجتماعي والثقافي..
وهذا الشق الأخير من التطبيع هو الأخطر على الإطلاق..
لكن كل هذا لا يمنعني من أن أكون ضد التشهير وضد التحريض خاصة في مثل هذه القضايا الخلافية التي قد تفتح أبواب الفتنة على مصراعيها..
والتحريض هو التحريض وهو كل لا يتجزأ سواء كان الضحية خالد أو غير خالد..
والجميع مطالب أيضا بأن ينتفض ضد التحريض وضد التشهير سواء كان الفاعل عمرو أو زيد..
لماذا؟
لأن الانتقائية خاصة إذا كانت ببعد منهجي فهي لها نفس المفعول المدمر وهو زرع الكراهية بين أبناء الوطن الواحد..
كما أن خيمة الوطن فسيحة وتتسع لكل الآراء ولكل الأفكار ولكل وجهات النظر بعيدا عن التخوين وبعيدا عن التكفير وبعيدا عن الانتقام وبعيدا عن الغوغائية أيضا..
وأقول بهذا لأن خطورة “الغوغائية” هو أنها قد تتحول إلى منهج “سطحي” في التفكير وفي الممارسة أيضا..
و”الغوغائية” بهذا المعني قد تقتل خاصة عندما تصل نيران التشهير إلى البيوت وإلى الأعراض وإلى الأطفال وربما تصل إلى أناس أبرياء لا علاقة لهم أصلا بهذه الحروب القذرة أي كان مصدرها..
وأنا أذكر بهذه الأبجديات البديهية والعادية في أي مشهد سياسي صحي وسليم لأني أخشى أن يصبح مجرد حديث أو اتصال صحافي بصاحب رأي مخالف أو التعبير عن وجهة نظر كما لو أن الأمر ظرف تشديد أو “جريمة” يعاقب عليها “القانون”..
كما أني أذكر أيضا بهذه الأبجديات البديهية والعادية لأني قرأت تعليقا صادما يعاتبني صاحبه عتابا شديدا مرفقا بوابل من السب والشتم..
والسبب هو أني أجريت دردشة مع أستاذ جامعي معروف عبر عن رأي غير ملزم دعا فيه إلى “التخلي عن ترؤس لجنة القدس”..
طبعا لن أدخل في باقي التفاصيل لأني أصلا أتفادى أي نقاش يجري تحت لغة السب والشتم وتبادل العبارات النابية..
لكن لا بأس أن أذكر وأتذكر بأن الصحافي هو صحافي لا غير..
والصحافي ليست عنده لائحة سوداء وأخرى بيضاء من الشخصيات العامة..
بل مهمة الصحافي هو يتحدث إلى الآخرين لا إلى نفسه احتراما لذكاء القارئ وأيضا احتراما لذكاء الجمهور..
وهذه مناسبة لأقول أيضا إن كاتب هذه السطور لا يكتفي بقراءة ما يكتب من أخبار عن الفاعلين أو عن الذين يخلقون الحدث..
كاتب هذه السطور غالبا ما يتصل بالمعنيين مباشرة بهذه الأخبار وبهذه الأحداث ليتأكد بنفسه مما نشر ومما قيل ومما قالته هذه الشخصية أو تلك..
وهذا ما حصل بالضبط عقب نزول مقال “كلنا إسرااااائيليون” الذي أثار كل هذا الجدل وكل هذا النقاش العمومي الواسع في هذا البلد العزيز..
وأقصد هنا المقال الذي كتبه زميلنا مولاي أحمد الشرعي مالك مجموعة “الأحداث المغربية..
وبالفعل فقد اتصلت بمولاي أحمد الشرعي وتحدثت إليه مطولا حول الظروف التي رافقت كتابة هذا المقال وما أعقبه من ردود أفعال وربما من سوء الفهم أيضا..
“أنا لم أقل كلنا إسراااااائيليون تأييدا للسياسة الإسراااااائيلية أو تأييدا لرئيس حكومة “أحمق”..
أنا قلت كلنا إسراااااائيليون في سياق التفاعل اللحظي مع حدث محدد في الزمان والمكان لأني ضد قتل المدنيين الأبرياء أيا كان القااااااتل”..
هكذا يقول مولاي أحمد الشرعي لموقع “آذار” قبل أن يضيف أيضا:
“وأنا لم ولن أتضامن مع أي قاااااااتل للمدنيين الأبرياء سواء كان القاااااتل إسراااااائيليا أو غير إسراااااائيلي أو كان القاااااتل فلسطيييينيا أو غير فلسطيييييني”..
كما تحدثنا أيضا عن قضايا كثيرة:
تحدثنا عن مأساة الشعب الفلسطيييييني وحتى عن مسؤولية أطراف أخرى في هذه المأساة..
كما تحدثنا عن حركة حمااااااس وعن مقاااااااومة الستينيات والسبعينيات من القرن الماضي وعن الفرق بين المقااااااومة وبين الإرهاااااااب..
وتحدثنا أيضا عن دور “الأحمق” في اتفاقات السلام وعن إمكانية محاكمته في دولة كثيرا ما حاكمت مسؤوليها وحكامها..
بل تحدثنا أيضا عن مستقبل التطبيع وعن التطبيع مع باقي الدول العربية وعن “خطأ” إهمال تطبيع العلاقات مع الفلسطييييينيين أولا قبل غيرهم..
أكثر من هذا، لقد تحدثتا أيضا عن القدس وعن رئاسة لجنة القدس وعن خصوصية العلاقات المغربية مع الدولة العبرية وعن ارتباط قرابة مليون إسراااااائيلي بالعرش وبالمغرب وبملك المغرب..
كما تحدثنا أيضا، وهذا ربما هو الأهم، عن سياسة خارجية واحدة وعن بلد واحد وعن دولة واحدة وعن مغرب واحد وعن مؤسسة ملكية واحدة وعن ملك واحد حفظه الله ورعاه..
أتمنى أن أعود إلى تفاصيل كل هذه المحاور في مقال قادم بإذن الله.