“أنا قادر على أن أنهي مهامك بمكالمة هاتفية واحدة مع سيدنا”..
كم هو عدد الثوابت الدستورية في المغرب؟..
الذي نعرف جميعا هو أن لدينا أربعة ثوابت أولها الدين الإسلامي السمح..
ثم الوحدة الوطنية بروافدها المتعددة..
والنظام الملكي الدستوري..
وأخيرا الخيار الديمقراطي..
وأذكر بهذه الثوابت الأربعة لأن هناك من يتعامل مع المغاربة كما لو أنه ثابت دستوري خامس..
أو ربما هناك من يريد يجعل من نفسه “جزءا من النظام العام” و”ذاتا مقدسة” فوق النقد وفوق الانتقاد ..
يحصل هذا في وقت أزال فيه ملك البلاد، حفظه الله، القداسة عن نفسه حتى أنه قال في هذا المنحى كما قرأنا في سياق مضى:
“القداسة لله وأنا ملك مواطن”..
لكن يبدو أن “البعض” ما زال يصر على أن يعيش بدستور آخر غير مكتوب..
وربما هذا هو حال بعض المسؤولين داخل الجامعة الملكية لكرة القدم في نسختها الحالية وحتى خارجها..
شخصيا لم أفهم سبب هذا الانزعاج من النقد ومن الانتقاد حتى مع وجود حصيلة كروية متواضعة مثلما يقول العارفون بالكرة..
ودعونا من “سردية” الحديث عن إنجازات مونديال قطر لأن الفضل في ذلك لا يرجع ربما إلى مسؤول بعينه أو إلى مدرب بعينه..
والواقع أن التألق في مونديال قطر سيظل مثل “بيضة ديك” أو “فلتة زمن”، تحسب، في المقام الأول، للسياق وللجغرافيا وأيضا لكوكبة من اللاعبين النجوم ومعهم جمهور غير عادي..
وحتى حصد الألقاب مع نادي الوداد فهو لا يعود ربما إلى وجود “شخص استثنائي” بقدرما يعود ذلك إلى فريق كبير وأيضا إلى جمهور كبير..
وربما يمكن القول أيضا حتى أشياء أخرى..
لماذا؟..
بكل بساطة لأنه لولا رئيس فريق، أطلق الله سراحه، ولولا فريق اسمه الوداد ولولا جمهور الوداد الداعم لفريقه في السراء والضراء، ما كان لصاحبنا أو غيره أن يكون له اسم..
أردت أن أقول بصيغة أخرى:
إن الفرق الكبرى هي التي تصنع صغارها وليس العكس..
وأنا أخشى أن نكون أمام نسخة أخرى من قصة “الدب المغرور بنفسه” للراحل أحمد بوكماخ رحمه الله..
فماذا يعني أن يلتزم الناس الصمت وهم يسمعون ويرون بأم أعينهم ما لا يرضيهم وما لا يعجبهم:
“أنا وحدي مضوي لبلاد”..
“أنا وبعدي الطوفاااااان”..
“أنا الأفضل في تاريخ الكرة المغربية”..
“الأرقام والإحصائيات تقول إني الأحسن”..
“لن تجدوا أحسن مني للظفر باللقب”..
“أنا أو لا أحد”..
ولا أريد أن أتحدث أيضا عن الطريقة الاستعلائية والاحتقارية التي يتحدث بها “البعض” إلى أبناء البلد وإلى صحافة البلد في ندواته الصحفية المملة..
وأقول هذا ولو أني لا أتذكر أن المعني بالأمر خص صحافة بلده بحوارات أو بأخبار حصرية أو تحدث عن صحافة بلده بإيجابية..
يقع هذا في وقت يصاب فيه صاحبنا ب”إسهال الكلام” أمام الصحافة الأجنبية وأمام المنصات الأجنبية..
ورأيي أن من حق الناس ومن حق الجماهير أن تغضب وأن تنتقد أي مسؤول في الجامعة أو خارج الجامعة بدافع الغيرة على منتخبها الوطني ليكون الأحسن..
ثم علينا ألا ننسى أن الأرقام والإحصائيات نفسها على الأرض تسمح بهذا النقد والانتقاد لأننا في المغرب ولسنا في ليبيا..
وهذا هو المفروض خاصة أن الإحصائيات والأرقام تقول أيضا إن الجامعة الحالية ليس في حصيلتها ولو لقب واحد وليس في حصيلته ولو كأس واحد من كأس أمم إفريقيا..
نعم ليس في حصيلة الجامعة في نسختها الحالية أي لقب من كأس أمم إفريقيا رغم أننا تنافسنا على هذا اللقب أربع مرات متتالية ونستعد لمنافسة خامسة..
وكيف لا ننتقد طولا وعرضا أي مسؤول كروي طالما أننا نسمع أنباء تصيب مفهوم “الجدية” في مقتتل إذا ما صح هذا الذي يروج؟!..
وفعلا لقد ترددت أنباء في منتهى الحساسية في بعض الكواليس حتى أننا سمعنا من يقول لأي شخص اختلف معه أو اشتغل تحت امرته:
“أنا قادر على أن أنهي مهامك بمكالمة هاتفية واحدة مع سيدنا”..
بل سمعنا أيضا حتى بعض “العقلاء”، بعضهم يحظون بالثقة الملكية، “يقامرون” ليس فقط بصورة بلد وبمنتخب بلد..
إن هذا “البعض” “يقامر” “، من القمرة طبعا، حتى ب”500 أورو للبينالتي الواحد”..
وقد يأتي السياق لنتحدث عما هو من أخطر من ذلك ربما..
لأنه في الوقت الذي كان فيروس كورونا يقتتل الناس فرادى وجماعات وبلا رحمة، كان ربما بيننا من كاد أن “يقامر” حتى بحياة بعض اللاعبين.
وأقف عند هذا الحد حتى لا أقدم “هدايا مجانية” لخصوم بلادي.. ولو أن الذين يقدمون “هدايا مجانية” لخصوم البلاد هم أولئك الذين قد يرتبكون أفعالا تسيء إليها..