الخبر من زاوية أخرى

بوعيدة يكتب: في انتظار 20 ماي.. خروج للمجهول

Avatarعبد الرحيم بوعيدة


لن نفهم أكثر من المسؤولين عن قطاع الصحة في إمكانية خروجنا من عدمه من هذا الحجر الصحي المفروض.. لكننا أيضا لا نحتاج إلى ذكاء كثير لقراءة كل المؤشرات الماثلة أمامنا والتي تؤكد أن البدايات ليست دائما مهمة.

 ما هو أهم هو القدرة على الإستمرار بنفس "النفس" و"الريتم"، ويبدو الآن أن النفس إنقطع و"الريتم" أصيب بعطب تقني..

ما معنى أن تقام جنازة جماعية في عز الحجر الصحي وأن يمارس شبان طقس حمام بلدي في مكان عام!!

 تحت أي مسمى يمكن أن ندرج هذه التصرفات ؟!

وما معنى أن يخرج الناس في الأسواق والشوارع بكل حرية وكأن المغرب مستثنى من هذا الوباء ؟؟

يقول الفرنسيون "le virus ne se déplace pas"، نحن من يبحث عنه مع سبق اصرار وترصد لنعانقه وكأنه جزء من عائلتنا..

 وإلا ما معنى أن نظل أوفياء للحجر لا نبارح بيوتنا في حين جزء من شعبنا يمرح في الشوارع غير مكترث بعواقب ما يقوم به.

 إنه ببساطة يطيل أمد حجرنا نحن هؤلاء الذين احترمنا حياتنا وحياة الآخرين..

كيف سنخرج يوم 20 ماي؟ وهل دخلنا أصلا لنخرج مجددا دون خوف ولا هلع !!

أظن أن هناك مسؤوليات مشتركة، جزء كبير منها يتحمله المواطن نفسه لأنه من الصعب أن نطلب من الدولة مراقبة كل حالة على حدة..

إنها نتائج لمقدمات خاطئة.. الدولة نفسها التي بنت جزءا من سياساتها على الإستثمار في الجهل تحصد الآن مواطنا غير صالح..

من يسأل عن حالة التراخي من طرف السلطة عليه أن يقرأ العلاقة نفسها بين المواطن وهذه السلطة منذ أمد بعيد وما هي تمثلاتها وكيف تمر وعلى ماذا تنبني حتى نفهم لماذا أصيب الجميع بحالة من العياء التام..

كل ما حدث مع ظهور الوباء من إيجابيات وحماس وتضامن هو نتاج أزمة وليس حصيلة ثقافة وسلوك مؤسس يجعل من اعمال الحالات الاستثنائية مجرد استمرار لسياسة دولة ومجتمع.

 لا شيء يبدو غريبا ولا مستغربا حتى يتحول إلى حالة إستثناء نتغنى به وكأنه إنجاز تاريخي..

حين لا يفهم رجل الأمن والسلطة العلاقة بين الحرية والأمن وحدودها الفاصلة يرتكب أخطاء قاتلة..

وحين أيضا لا يستوعب المواطن هذه العلاقة ولا يدرك أين تقف حريته فإنه يساهم في فوضى غير خلاقة،.

وحين يساهم الإعلام الإلكتروني في تسميم هذه العلاقة فتلك هي النهاية..

متى نخرج؟

ليس هذا هو السؤال اللغز، لكن كيف نخرج؟ فهذا هو ما يجب أن يؤرقنا لأننا سنخرج جميعا ونتسوق جميعا ونقوم بالشيء نفسه في الآن ذاته..

هي ثقافة وسلوك متجذران فينا، فهل سيفهمنا الفيروس ويتسامح مع عبثنا المشترك !!

أمامنا الآن صور واضحة لخروج غير واضح، وعلينا أن نختار بين حدين فاصلين: بين حياة أو موت محقق..

للعيد في ذاكرتنا الجماعية طقوس خاصة، لكنه في النهاية سيمر ومن الأفضل أن نردد مع الشاعر الكبير المتنبي "عيد بأي حال عدت يا عيد…بما مضى أم بأمر فيك تجديد"..

الجديد حتما هذا العيد هو هذا الوباء المتحكم في حياتنا، ولكي يرحل علينا ألا نمنحه فرصة التناسل فينا، فهو في النهاية لا يبحث عن الناس في بيوتهم..

 

أستاذ جامعي وسياسي وورئيس سابق لجهة كلميم واد نون