الخبر من زاوية أخرى

الصحافة بالمغرب.. صحف ومواقع وآراء كثيرة وناشر واحد..

الصحافة بالمغرب.. صحف ومواقع وآراء كثيرة وناشر واحد..
مصطفى الفنمصطفى الفن

مع السنوات الأولى للعهد الجديد وحتى قبل تأسيس “حزب الدولة” أو الأصالة والمعاصرة، كان المغرب هو غير المغرب الذي نعيشه اليوم على مستوى حرية الصحافة وحرية الرأي والتعبير.

وفعلا، فإذا ما استثنيا ما أسماه البعض ب”الردة الحقوقية” التي دخلتها البلاد عقب الأحداث الإرهاااابية ل16 ماي 2003، فإن السنوات الأولى للعهد الجديد كانت، بحق، واعدة بالأمل في مجال حرية الصحافة والنشر.

شخصيا أتذكر بنوستالجيا وبتأثر زائد تلك الحقبة الزمنية الجميلة التي كنا نقرأ فيها أكثر من جريدة وأكثر من مجلة وأكثر من عمود وأكثر من افتتاحية وأكثر من جنس صحفي..

بل حتى صحف “ماروك سوار” مع الراحل مولاي أحمد العلوي كانت لها هوية وكان لها خط تحريري واضح قد تختلف معه لكنك لا يمكنك إلا تحترمه لأنه يعكس وجهة نظر ينبغي أن تعبر عن نفسها داخل مجتمع متعدد..

بمعنى أننا عشنا في بداية العهد الجديد تعددية “شبه فعلية” ليس على مستوى المشهد الإعلامي والصحفي فقط..

والواقع إننا عشنا تعددية حتى على مستوى المشهد السياسي الذي كانت فيه أحزاب بعينها تدافع عن “استقلالية” قراراتها الداخلية والحزبية.

ولا أريد أن أذكر عدد الصحافيين وكتاب الرأي الذين كنت أقرأ لهم لأنهم كثيرون ومتعددون ومختلفون ومن مذهبيات ومشارب متباينة..

أما اليوم، فينتابني إحساس أن منسوب الحرية في المغرب تراجع وأن الخوف والرقابة الذاتية أصبحا “ربما” هو العنوان العريض للمرحلة السياسية التي تجتازها حاليا بلادنا العزيزة..

يقع كل هذا على الرغم من وجود وسائل النشر الكثيرة ووجود الأنترنيت ووجود مواقع التواصل الاجتماعي وجود الصحف بكل أنواعها الورقية والإلكترونية..

الأخطر من ذلك، فاليوم عندنا صحف كثيرة ومواقع إلكترونية كثيرة وعندنا صحافيون كثر وعندنا مدونون كثر وعندنا كتاب رأي كثر بعضهم أعرفهم عن قرب وأحترمهم وأقدرهم..

لكن من غير المعقول أن يكون عندنا “ناشر” واحد في البلد كله اسمه عزيز اخنوش..

وهذا “الناشر” الواحد والوحيد هو اليوم يحتكر كل وسائل النشر..

ويحتكر الكلمة ويحتكر الفايسبوك..

ويحتكر الإنستغرام..

ويحتكر كل شيء يتحرك فوق الأرض ومعها الجو والبحر أيضا..

واحتكار الكلمة هو، لعمري، أخطر أنواع الاحتكار الموذن بخراب العمران.