الخبر من زاوية أخرى

جمال هاشم يكتب: في الحاجة إلى دولة الخدمات….ولكن

Avatarجمال هاشم





قرأت بإمعان مقالة رفيقي وزميلي جمال مكماني حول الحاجة إلى دولة الخدمات بأبعادها الأخلاقية والإنسانية خاصة وأن هذه الجائحة أكدت تلك الضرورة كما أكدت فشل المقاربة الليبرالية المتوحشة.

ما يهمنا في حالتنا المغربية هو إضافة إلى ما قاله صديقي مكماني هو النظر إلى شروط إنجاح إقامة هذه الدولة من زاوية أخرى: زاوية المواطن.

 لأن ثقافة المطالبة بالحق في مغربنا الحبيب تطغى على ثقافة الواجب. فكيف نطالب من الدولة أن تقوم بواجباتها الدستورية كاملة ولا نطالب من المواطنين أن يقوموا بواجباتهم؟

بعبارة أوضح، إن تقديم الدولة للخدمات يحتاج إلى تمويل والتمويل يحتاج إلى إنتاج الثروة وإلى مداخيل ناتجة عن سن عدالة ضريبية.

 فهل يتوفر لدينا هذان الشرطان؟ وهل سنعتمد سياسة الإقتراض الدولي كي نقيم دولة الخدمات؟

بالنسبة لإنتاجنا للثروة كلنا يعلم تواضعه ويعلم معدلات ناتجنا الداخلي العام. أما بالنسبة الى المداخيل الجبائية فالجميع على علم بشساعة الثغرات التي يحدثها التحايل والتهرب الضريبي والغش في بيانات المقاولات وأصحاب المهن الحرة..

فكيف لمواطن أن يطالب بخدمات وهو لا يلتزم بواجبه الضريبي.. وكيف لصاحب معمل يحتج على انعدام بعض البنيات والتجهيزات وهو يغش في البيانات المحاسباتية كي يدفع مبلغا ضريبيا أقل بكثير من الواجب؟.

لقد كشفت هذه الأزمة عن هشاشة نسيجنا الإقتصادي، ذلك أننا وجدنا أن أغلب العمال غير مسجلين لدى الضمان الإجتماعي وتعرفنا على حجم أصحاب بطاقة الراميد وحجم المشتغلين في الأنشطة الغير مهيكلة..

بمعنى أن أغلب الأنشطة المزاولة لا تذر مداخيل جبائية قارة تسمح بتمويل خدمات دائمة. أضف إلى ذلك التأثير السلبي لأنشطة التهريب على المقاولة الوطنية.

إن الجميع يعلم أن الذين يدفعون ضرائبهم بشكل دقيق هم من تقتطع لهم من المصدر من موظفين وأجراء..

وهذه العينة من الضرائب هي التي تشكل النسبة الأكبر من مداخيل الدولة.

 فماذا يعني ذلك؟

كلنا يتذكر التدخل الجريئ لموظف سام من وزارة المالية عن التهرب الضريبي خاصة من طرف المصحات الخاصة..

والجميع يعلم كيف واجهه اللوبي المتحكم في القطاع.

ولا أحتاج إلى المقارنة مع الدول الأوروبية التي تعتبر الإلتزام الضريبي أساس المواطنة والمصدر الأساسي لدولة الخدمات.

فهل سيكون وباء كورونا مناسبة لأخذ الدروس والعبر  في هذا المجال؟

وهل سنحتاج كل مرة إلى صناديق إستثنائية لمواجهة الأزمة قبل أن تعود الأمور إلى عشوائيتها من جديد؟.