الخبر من زاوية أخرى

في زمن الكورونا…مكالمة هاتفية مع العثماني

مصطفى الفنمصطفى الفن


أعطى المغاربة ملكا وحكومة وشعبا صورة مشرقة ومشرفة عن وطنهم في هذه المرحلة الصعبة التي تتشكل فيها ربما ملامح عالم جديد فوق هذه الأرض..

وبالفعل، فقد بدا بلدنا على الرغم من إمكانياته المتواضعة ومنظومته الصحية الهشة بلدا عظيما بشعب عظيم ومتضامن في هذه الحرب ضد هذا الوباء.

ويكفي أن نشير هنا الى حملة التبرعات لفائدة صندوق مكافحة كورونا التي فاقت كل التوقعات  والتي لازالت متواصلة الى اليوم.

وهذا مهم جدا حتى وإن كانت هناك فئة غنية من المغاربة لم تتبرع لفائدة صندوق أحدثه ملك البلاد وفئة أخرى تمردت على حالة الطوارئ وخرجت الى هلاكها تجري في الشوارع بلا عقل وبلا كتاب منير..

لكنهما فئتان محدودتان ومعزولتان لأن الاعتداد بالقاعدة العريضة وليس بالاستثناء الذي يثبتها.

أكثر من هذا، فحتى بعض التنظيمات "الراديكالية" عبرت عن حس مواطناتي عال ولم تر في وباء كورونا مناسبة لتصفية حساباتها مع الدولة بقدر ما انشغلت بما هو أهم الآن.

والأهم الآن بالنسبة الى هذه التنظيمات التي تعارض الحكم وليس الحكومة هو محاصرة الوباء القاتل والانخراط الجدي في حملة "ابقى في دارك".

واقرأوا ماذا يكتب شاب من العدل والإحسان اسمه حسن بناجح على حائطه بالفايسبوك لتتأكدوا أن هذه الجماعة لم تخرج الى الشوارع بطنجة أو بفاس وإنما كانت ربما أول تنظيم دعا الى العزل الصحي وملازمة البيوت.

قضية أخرى لا بد من التوقف عندها قليلا وهي ان هذه الجائحة كشفت أيضا أن هناك دولة في هذا البلد وأن هناك مؤسسات وأن هناك أجهزة أمنية بعيون لا تنام وقادرة على التصدي لتجار الأوبئة والأزمات.

 صحيح ولا خلاف في أن لدينا مشاكل ولدينا تحديات يحتاج معها بلدنا الى نفس طويل وإلى تعاون الجميع وتضامن الجميع ..

لماذا؟

لأن هذا البعد التضامني بين المغاربة هو العلاج الناجع للشفاء من "مرض" غير تقليدي وغير مرئي ولا دواء له.

 بل علينا أيضا ألا نبخس من المجهودات التي بذلها بلدنا حتى وإن كنا غير راضين عنها..

 لأننا على الرغم من ذلك فإننا سوف نتجه ربما ولو ببطء وبمعاناة نحو ما يمكن تسميته بالتجربة المغربية في مواجهة  "وباء" هزم دولا عظمى.

وأعترف أن هذا هو الإحساس الذي انتابني عقب مكالمة هاتفية قصيرة أجريتها أمس مع رئيس الحكومة الدكتور سعد الدين العثماني لأسأله عن الأحوال الصحية لوزير النقل والتجهيز عبد القادر اعمارة.

في هذه المكالمة الهاتفية، لم يطل العثماني الحديث في موضوع مرض الوزير اعمارة لكن وجدت الرجل الثاني في البلد مشغولا أكثر بتحديين كبيرين.

 

التحدي الأول وهو ضرورة إنجاح عملية انخراط جميع المغاربة في التقيد الصارم بالتدابير الإجرائية والوقائية التي أقرتها سلطات البلاد.

وهذا التحدي يبدو أننا نتجه لربحه لا محالة لأن المواطنين بدوا عموما جد متفهمين وجد متعاونين مع دولتهم وقواتهم العمومية في مواجهة هذا الوباء.

أما التحدي الآخر الذي يؤرق كثيرا العثماني وفريقه الحكومي فهو تحدي كيفية دعم الفئات الهشة وكل العاملين بالمهن غير المهيكلة الذين أغلقوا عليهم أبواب منازلهم وليس عندهم قوت يوم واحد.

أو دعوني أعيد صياغة هذا التحدي على شكل سؤال لأن الأمر يتعلق بتحد حقيقي كما فهمت من العثماني:

ما هي الطريقة المثلى أو الحلول العملية التي تملكها الحكومة لكسب رهان مكافحة هذا الوباء لعنه الله؟.

لم يكشف العثماني عن أي شيء في هذا المنحى..

لكن الذي فهمت أيضا من كلماته القليلة وهو أن حكومتنا تأخذ هذا التحدي على محمل الجد والصرامة اللازمتين..

 لأن قضية دعم الفئات الهشة ومعها كل المتضررين الموجودين حاليا خلف الأبواب الموصدة الى أجل غير مسمى هي قضية عاجلة ولا تقبل أي تأخير.

بالتوفيق يا رب.