قضية الوزيرة وزوجها.. عندما يتحول “النسب الشريف” إلى مصدر عيش..
حزب البام، الذي أسسه صديق الملك، استنفر، هذه الأيام، كل أجهزته وكل قادته وكل التنظيمات الموازية له وغير الموازية له..
وربما استنفر حتى الوزارات ومجالس الجهات والجماعات الترابية التي يسيرها..
حصل هذا فقط لأن بضعة صحافيين امتلكوا الجرأة وارتكبوا جريمة العمر عندما مسوا ب”الذات الشريفة” للسيدة الأولى في “حزب الدولة”..
وهذه الانتفاضة التي جند لها الحزب كل إمكانياته المالية والبشرية لم يقم بها الحزب نفسه حتى عندما تم المس برموز البلاد وبملك البلاد شخصيا في أكثر من مناسبة وفي أكثر من حملة ظالمة..
أما الهدف من هذه الانتفاضة “الشعبية” داخل الحزب فلا يخرج ربما عن “تأليه” و”ترميز” وتسويق صورة غير حقيقية لامرأة محظوظة وعادية جدا وتمتهن الغياب والتغيب في أوقات الشدة وفي أوقات الحاجة إليها..
بل إن سعادتها كانت ربما هي المحامية الوحيدة في المغرب التي غابت وتغيبت عن كل سنوات “التمرين” واختارت أن تمر مباشرة إلى “مزاولة” المهنة بدون تمرين حتى أنها وضعت محامي القصر الراحل محمد الطيب الناصري رحمه الله في حرج حقيقي..
وهذه الانتفاضة غير المسبوقة داخل البام تؤكد شيئا واحدا لا ثاني له وهو أننا أمام امرأة هشة جدا جدا وقد “تنهار” في أي لحظة حتى لا أقول شيئا آخر..
شخصيا لم أكتب أي شيء يشبه “العنف ضد النوع” ولا ضد الكيف ولا أعرف ما الداعي أصلا إلى هذا الغضب الجماعي الذي اجتمع فيه نساء الحزب ورجاله على قلب امرأة واحدة…
وربما لا أبالغ إذا قلت إن هذا “الإجماع” القسري الذي تحظى به اليوم ابنة الصالحين لم يحظ به ربما حتى مؤسس الحزب نفسه السيد فؤاد عالي الهمة وقتها..
كل ما قلت وسأظل أقول إن قضية محاولة السطو على 1186 هكتارا بالعرائش، دفعة واحدة من طرف زوج وزيرة، هي فعلا قضية وربما قضية ببعد “فضائحي” أيضا..
والمثير في هذه القضية، كما قرأنا، وكما سمعت شخصيا من الشاب أحمد الوهابي والذي ليس سوى مناضل مطرود من البام، هو أن محاولة السطو على هذه الآلاف من الهكتارات كانت تجري عبر آلية النفوذ..
وعبر مسطرة “شرع اليد”..
وعبر الضغط المرفق بالترهيب..
وأيضا عبر بعض الارتباطات العائلية التي يزعم أصحابها أنهم ذوو “نسب شريف”، وأنهم “أشرف” من “الشرف” ومن المغاربة أجمعين..
وأيضا عبر الهواتف “العليا” والاتصالات التهديدية الآتية من الرباط ومن السيد سمير كودار، أو الذراع اليمنى للوزيرة المعنية والذي لم يكشف لنا إلى حد الآن عن “الوصفة السحرية” التي قد تجعل، من ساعي بريد بسيط، واحدا من “أثرياء” العهد الجديد..
وأذكر هنا السيد سمير كودار بالاسم ليس لأن أحمد الوهابي ذكره بالاسم في خرجة إعلامية مع زميلنا حميد المهداوي..
والواقع أني أذكره بالاسم لأن السيد نسي مهامه وذكرني هو نفسه، هذه الأيام، بالاسم وأعطى أوامره ل”جلدي” على بعض الصفحات والحسابات الوهمية..
وعلى السي سمير ألا يغضب وألا ينزعج إذا ما ذكرناه بالاسم في القادم من الأيام..
أغلق هذا القوس وأواصل لأقول أيضا إن محاولة السطو على هذه الآلاف من الهكتارات عبر توظيف “النسب الشريف” هي قضية مشوسة وينبغي أن يكون لها ما بعدها..
لماذا؟
لأننا، في حالات كثيرة، قد نصبح أمام أبناء وأحفاد عائلات بتاريخ “معروف”..
لكنهم يتصرفون اليوم بصلاحيات كما لو أنهم بوضع دستوري خاص أو كما لو أنهم هم “الأصل” و”هم الوطنيون” و”هم الصالحون” و”هم الشرفاء” وما دونهم مجرد “مقطوعين من شجرة” ولا أنساب لهم ولا يستحقون أن يزاحموه على المناصب وعلى الامتيازات وعلى خيرات الوطن..
ثم إن التاريخ هو التاريخ ولا يمكن تزويره أو صبغه بلون وردي أو إخفاؤه بالغربال..
ولن أدخل في بعض التفاصيل حتى لا ننكئ بعض الجراحات..
وأقول هذا لأنه آلمني أن يصبح كل من انتقد أداء وزيرة بعينها كما لو أنه “حاقد” أو “ابن كلب” أو “ولد غير صالح” ومشكوك في نسبه..
ولا أخفي أني أصبت بالذهول وأنا أقرأ البيان الكارثي لنساء الحزب الذي اعتبر أي انتقاد لأمينتهم العامة أو وزيرتهم في الحكومة هو بمثابة “عنف” ضد امرأة يستدعي المساءلة القضائية ويستدعي السجن وربما يستدعي حتى الطرد من رحمة الله..
وهذا كلام في منتهى الخطورة ويتجاوز ربما ما ذهب إليه حتى ذاك الذي دعا إلى “التشدد” مع الصحافة ومع ما تنشره مواقع التواصل الاجتماعي..
وأتحدث هنا عن صديقنا السي أحمد أو أستاذ الصحافة والمستشار السابق في ديوان الرئيس الموريتاني الراحل معاوية ولد سيدي أحمد الطايع..
ويا للمفارقة مرة أخرى إذا ما صحت هذه المعلومة:
تصوروا أن أستاذا للصحافة مر من تجربة مهنية غير عادية وفي بلد حدودي غير عادي ومع رئيس دولة هو نفسه غير عادي لكنه لم يكتب سطرا أو حرفا واحدا ينفع طلبة الصحافة وينفع الناس والوطن..
وهذه قصة أخرى..
كما أني لم أفهم أيضا كيف انشغلت قيادة الحزب بالحواشي وأهملت المتن وأهملت الانشغال بالقضايا الكبرى للبلد وأهملت الانشغال ببناء الذات الحزبية وأيضا بهذه القنابل المدوية التي يفجرها هذا الشاب الذي يقال له أحمد الوهابي..
وأقول هذا ولو أن المكان الطبيعي لأحمد الوهابي هو البام طالما أن هذا الشاب يرسم صورة مشرقة عن الشاب المغربي الذي يتشبث بالأمل ولا ييأس حتى مع وجود ما يزرع اليأس..
وكيف لا ييأس شاب مثله وهو الذي طرد من البام وعلى عجل وفي اليوم الموالي بسبب طارئ عادي وبدون حتى الاستماع إلى روايته..
وبالطبع ما كان لهذا الطرد أن يقع لو أن الشاب أحمد الوهابي، كما يقول هو نفسه، ساير هؤلاء “الشرفاء الجدد” وساير “هوى” جمعية عائلية يعيش أفرادها من هدايا ضريح مولاي عبد السلام بالعرائش حتى وإن كان أفراد هذه العائلة يسكنون جميعا في مدينة طنجة..
المثير أيضا في هذه القضية وهو أن أحمد الوهابي لا زال يروي أشياء كثيرة ومثيرة وتفرض على السيدة الأولى في البام ألا تجمد نفسها وعضويتها فقط..
بل إن هذا الذي نسمع على لسان الوهابي يفرض على “ابنة الصالحين” أن تعتزل السياسة طالما أنها بدت على “قد الحال” وربما ليست في مستوى هذه المناصب العليا الكثيرة ولا في مستوى ما هو أهم وهو الثقة الملكية التي حظيت بها في سياق سياسي خاص..
وهذا هو منطق التخليق السياسي ومنطق الدستور ومنطق القانون ومنطق الخطب الملكية ومنطق قوانين وأنظمة الحزب..
فإذا كان أحمد الوهابي يستحق الطرد، فماذا يستحق رئيس مجلس عمالة بالشمال من الحزب والذي يتابع اليوم أمام محاكم جرائم الأموال بتهم جنائية خطيرة؟
نعم هذا هو المفروض حتى لو كان كلام أحمد الوهابي فيه فقط 5 في المائة من المعلومات هو الصحيح وباقي المعلومات كله “كذب”..
لكن يبقى أخطر ما يقوله أحمد الوهابي، إذا ما تأكدت صحته، وهو أن سعادة الوزيرة لم تكتف بالدفع بأشخاص عاديين من جمعية زوجها للتعيين في مناصب عليا في مجالس حكومية يحضرها جميع الوزراء ويترأسها السيد عزيز أخنوش شخصيا..
بل إن سعادتها، حسب الوهابي، عاقبت، من خلال الوكالة الحضرية التابعة لها بالعرائش، مدينة بكاملها وعطلت مصالح الناس وحرمتهم من الرخص..
والسبب هو أن الوهابي الذي يرأس جماعة تزورت بهذه المدينة لم يجنح للسلم ورفض الموافقة على طلب تحفيظ 1186 هكتارا في اسم “زوج” وزيرة وليس في نهج سيرته ربما أي شهادة عليا عدا “نسب شريف”..
كما تحدث الوهابي أيضا عن وقائع أخرى وربما بطابع جرمي مثل قضية اقتحام مقبرة ضريح مولاي عبد السلام وتكسير خزائن الضريح والسطو على هدايا الفقراء والمعوزين والأرامل والأيتام..
أما بطل هذا الاقتحام، الذي يشبه ربما اقتحام ناصر الزفزافي لمسجد من مساجد الله، فليس سوى زوج الوزيرة الذي تبين اليوم أنه صاحب “سوابق” كثيرة في مجال الاستفادة من “الريع” ومن الأموال السهلة..
بقي فقط أن أحكي لنا أيضا واحدة من هذه السوابق المماثلة حتى وإن كانت وقائعها تعود إلى سنة 2013 إذا لم تخنني الذاكرة..
وجاء في تفاصيل هذه القضية أن صاحب “نسب شريف” جاء مبعوثا من طرف نجل شخصية نافذة إلى وزارة الشبيبة والرياضة في عهد الوزير السيد محمد أوزين..
وفعلا فقد استقبل مسؤولو الوزارة صاحب “النسب الشريف” أحسن استقبال قبل أن يفاجئهم المعني بالأمر بطلب شفوي وبلا أوراق تثبت علاقته التنظيمية بجمعية عائلية “شريفة” هي أيضا وهو يقول لهم تقريبا بهذه الصيغة:.
“خاصني شي دعم ديال 200 مليون أو أكثر لأنه عندي شي مهرجان ديال الخيول بدون سرج بالعرائش وغادية تحضر فيه الأميرة للا أمينة..”..
فماذا أقول تعليقا على هذا الذي يكاد يشبه “النصب” باسم النسب..
ليس لي أي تعليق..
لكني شخصيا لا أعرف إلا شريفا واحدا من عائلة شريفة هو الملك محمد السادس حفظه الله..