الخبر من زاوية أخرى

البام.. إذا استحق أبو الغالي تجميد العضوية، فماذا يستحق السي أحمد؟

البام.. إذا استحق أبو الغالي تجميد العضوية، فماذا يستحق السي أحمد؟
مصطفى الفنمصطفى الفن

إذا كان حزب الأحرار نظم “نشاطا” شبابيا غابت فيه قضايا الوطن وحضر فيه فنانون لا يتحدثون إلا بالكلمات النابية وبما هو “تحت الحزام” أمام الجمهور الناشيء..

وهو أيضا “نشاط” شبابي غابت فيه قضايا الشباب وحضرت فيه الأغاني المدمرة لمرجعية الدولة ولقيم الأسرة والمحرضة على استهلاك “الطاسة” ولفافات الحشيش..

إذا كان هذا ما جرى في هذا “النشاط” الشبابي للأحرار، فإن قادة حزب البام نظموا نشاطا شبابيا آخر غاب فيه كل شيء ولم تحضر فيه سوى لغة الاتهامات المتبادلة والمشككة في “الذمة المالية والأخلاقية” في بعضهم البعض..

حصل هذا حتى أن سعادة المنسقة ذهبت أبعد من ذلك وجعلت أداءها الوزاري والحزبي فوق النقد حتى أنها بعثت برسالة إلى خصومها ومنتقديها داخل البام وخارجه تكاد تقول فيها “إنها أنقى ما كاين في الحزب”:

“نعم أنا ابنة الصالحين ومسلمة وأربي أبنائي على دين الإسلام”..

وأنا أخشى أن يكون الحياء هو الذي منع المنسقة من أن تقول أيضا “إن هؤلاء الخصوم والمنتقدين لها وهم قلة ليسوا سوى أبناء عاهرات وكفرة بالله ويربون أبناء على أديان أخرى غير الإسلام”..

لن أعلق على هكذا خطاب طالما أنه خلا من السياسة وطالما أن الهدف ليس هو السقوط في معارك شخصية لا مع الصالحين ولا مع أبنائهم أو بناتهم..

أما الوزير السابق في التعليم السي أحمد، الذي عينه الملك على رأس هذا القطاع المنكوب لينقذه من نكبته، فقد وضع عنوانا عريضا لهذا النشاط الشبابي ألا وهو ضرورة “تكميم الأفواه” بطريقة مستعجلة و”استعجالية” غير آجلة..

والخطوة الأولى في هذا البرنامج الاستعجالي لتكميم الأفواه، في نظر السي أحمد، فينبغي أن تبدأ ب”التشدد مع وسائل النشر والتشدد مع مواقع التواصل الاجتماعي والتشدد مع الجرائم الإلكترونية”..

وهذا له معنى واحد وهو أن السي أحمد يدعو هنا إلى تحويل البلد إلى سجن كبير حتى لا يتحدث الناس والصحافيون والنشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي عن أكثر من 44 مليار درهم تبخرت في عهده دون أن تنقذ قطاعا هو اليوم يسير، بثبات، نحو حتفه..

كما أن السي أحمد يدعو إلى التشدد مع الجرائم الإلكترونية حتى لا يتحدث الناس أيضا عما يقع ربما في جهة مراكش التي كان ولا زال يسيرها بالهاتف من فيلاته الفسيحة هنا بالرباط..

بصيغة أخرى، فالسي أحمد، وهو يدعو إلى هذا التشدد مع الصحافة ومع وسائل النشر باعتبارها الحائط القصير، فإنه، في حقيقة الأمر، يدعو، في المقام الأول، إلى تحصين نفسه من المحاسبة لا أقل ولا أكثر..

ويا لهذه المفارقة، فالسي أحمد، الذي أعطته الدولة المناصب العليا وأعطته جبالا من الريع وأعطته بلا حساب، هو اليوم مجرد عبء ثقيل على الدولة نفسها..

لماذا؟

لأن أستاذ الصحافة، الذي لم يكتب ولو مقال وحيد أو خبر واحد في حياته، يأخذ كل شيء ولا يعطي أي شيء.. ولم نره يوما يدافع، لا سرا ولا علانية، عن دولة ولا عن سمعة دولة ولا عن حزب ولا عن أصالة ولا عن معاصرة..

ولا يشارك في ندوة أو في برنامج تلفزيوني ولا يطرح سؤالا في غرفة أولى أو ثانية ولا يتفقد تلميذا أو أسرة متضررة من زلزال الحوز..

ولا نعرف إلى حد الآن هل هو مع إيسكوبار الصحراء أم أنه ضد إيسكوبار الصحراء؟..

كما أننا لم نر، يوما ما، السي أحمد يدافع عن وطن ولا عن قضايا وطن ولا عن صحراء مغربية ولا عن صحراء غربية ولا عن أي شيء..

كما أننا لم نره، يوما ما، يدافع عن مؤسسة ملكية ولا عن ملك..

وهذا هو حال الواقع على الأرض رغم أنه قيل لنا، عبر جون أفريك، إن السي أحمد هو من يكتب للملك بعض خطاباته..

أكثر من هذا، لم نر السي أحمد يوما يدافع حتى عن مجهودات المرصد الوطني الخاص بالطفولة رغم أنه استفاد ربما كثيرا من هذا المرصد أكثر مما أفاده هو..

كما أني لم أفهم أيضا لماذا يلتزم السي أحمد، إلى حد الآن، الصمت ولم يخرج ليدافع عن نفسه من هذا القيل والقال في قضية ب44 مليار درهم من المال كانت مخصصة للنهوض بالتعليم قبل أن تلتهمها بعض الحيثان الكبيرة دون أن تسأل؟

أقول هذا ولو أني أعرف جيدا أن السي أحمد له خطة واحدة ووحيدة في مواجهة الفريق الخصم:

“الرجوع إلى الخلف ثم الدق والسكات”..

بقي فقط أن أقول ختاما:

لقد استحق صلاح الدين أبو الغالي قرارا قضى بتجميد العضوية في بعض مؤسسات الحزب..

لكن ماذا يستحق السي أحمد بهذا المسار الباعث على الشك رغم أن السيد له مهام قيادية في حزب سياسي تحول هذه الأيام إلى محكمة؟

دعوني أمزح لأقول:

إذا كان أبو الغالي استحق كل هذا “الاضطهاد” الحزبي، فإن أعضاء المكتب السياسي ومعهم أعضاء القيادة الجماعية مطالبون سياسيا وأخلاقيا وربما حتى قانونيا، والحالة هذه، بأن يسارعوا إلى إلقاء “القبض” على السي أحمد ويسلموه إلى أقرب “كوميسارية”..

وهذا أضعف الإيمان طالما أن منطق التخليق السياسي يفرض على السي أحمد أن يدافع عن نفسه وعن براءته أمام العدالة في هذه القضية التي تهم تبديد أكثر من 44 مليار درهم التهمتها بعض الحيثان الكبيرة دون أن تطالها يد المساءلة.