ليس دفاعا عن الوزير وهبي..
نعم من حق الناس أن تنتقد الأداء السياسي والحكومي للسيد عبد اللطيف وهبي باعتباره شخصية عمومية يدبر الشأن العام من موقع وزاري هام ارتبط، تاريخيا، باستمرارية الدولة ألا وهو العدل..
بل “إن العدل هو أساس الملك”، كما يقال..
ثم إن دور المواطنين والصحافة والمعارضة السياسية وجمعيات المجتمع المدني هو أن ينتقدوا أي شخصية عمومية سواء كانت منتخبة أو معينة خاصة إذا كانت هذه الشخصية تشرف على إعداد مشاريع قوانين سترهن البلد ومستقبل البلد..
وأنا ضد حتى أن يقاضي السيد وهبي أي صحافي أو مدون أو ناشط مهما كانت حدة النقد عالية ولو أن اللجوء إلى القضاء يبقى حقا من حقوق أي شخص أحس بالضرر..
حصل هذا حتى أني التمست، وفي سياق ودي، من الوزير وهبي، الذي كان دائما صديقا ومدافعا شرسا عن الصحافة والصحافيين، أن يطوي صفحة بعض الشكايات التي وضعها ضد بعض الأصدقاء والزملاء الأعزاء..
لكني دعوني أقول، بصفاء نية، إني أختلف مع البعض، وأقول “البعض” لا الكل، خاصة أولئك الذين بالغوا ربما في “شيطنة” الرجل وهيجوا الرأي العام عليه وصوروا مواطنا مغربيا يقول “ربي الله” كما لو أنه “عدو لله ولرسوله ولدين المغاربة”..
وهذا الخطاب، الذي يعزف على وتر الدين في تصفية الحسابات مع الخصوم، هو خطاب في منتهى الخطورة حتى لا أقول إننا هنا أمام “شبه فتوى” في شكل “تحريض” علني قد يهدد ربما السلامة الجسدية لمواطن مغربي مهما كان الاختلاف معه..
بل إن بعض الخطابات كادت أن تظهر الرجل في هيئة شخص يريد أن يفسد على الناس دينهم ودنياهم فقط لأن السيد خانه تعبير أو تحدث بتلقائتيه وبسجيته في هذه القضية أو تلك..
الخطير أيضا في هذه “الحملة” التي اتخذت طابعا شخصيا مع وزير هو أن وقائع هذا “التحريض” تجري وسط مجتمع محافظ وربما حتى وسط أصوات “متشددة” مستعدة أن تفبرك أو تصدق أي إشاعة..
بل إن بعض الأصوات المتشددة مستعدة أيضا أن تفعل أي شيء بما في ذلك أن “تقتل” وأن “تموت” دفاعا عن قراءة في “إسلام” غالبا ما تشتم منها رائحة السياسة..
وأنا هنا لا أدافع عن صديق بقدر ما أدلي بوجهة نظر قد تكون صائبة وقد لا تكون..
صحيح وأتفق أن “المشروع السياسي لحزب الأصالة والمعاصرة تعرض إلى انحرافات كثيرة”..
وهذا ما جاء بالحرف في رسالة الاستقالة التي حررها مؤسس الحزب نفسه ذات سياق مضى..
وصحيح أيضا أن حزب البام كان أقرب إلى “الجهاز” منه إلى الحزب السياسي..
وصحيح أيضا أن حزب البام كان ربما، مع بعض قادته السابقين، مجرد “مديرية” لتحصيل جبال “الكاش” لدى بعض الأثرياء من أصحاب الملفات والهاربين من العدالة..
لكن ما الذي تبقى من هذه النسخة المظلمة من تاريخ “البام” طيلة أربع سنوات كان فيها السيد عبد اللطيف وهبي أمينا عاما للحزب؟
لا شيء تقريبا عدا ما يحدث اليوم من تحركات مغرقة في البهلوانية ومع امرأة بدون “كباري” سياسي تزعم أن “الفوق” منحوها لائحة الممنوعين وغير الممنوعين من الاستوزار..
والواقع أن البام في نسخته مع وهبي أصبح حزبا عاديا يهاجمه الجميع ولم يعد له خصوم حتى أن وهبي نفسه كان ولا يزال يعتبر الإسلاميين جزءا أصيلا من المشهد السياسي.
كما أن أول شيء قام به وهبي عقب انتخابه أمينا عاما وهو أنه أطلق تصريحات أعلن فيها شبه “قطيعة” مع “خط سياسي” كان قد جعل من البام أكبر من حزب..
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، ذلك أن وهبي قدم حتى ما يشبه “الاعتذار” عن بعض التجاوزات التي قد تكون وقعت في سياق ما من تاريخ الحزب قبل أن يقول بصريح العبارة أيضا:
“المشكل لم يكن في حزب البام وإنما كان في بعض قادته”..
ماذا يعني هذا كله؟
هذا معناه أن وهبي لعب “دورا سياسيا” في تغيير الوظائف “السلطوية” لحزب كان “منبوذا” وسط المغاربة وكان يخافه الناس وكان أقرب إلى “بنية” موازية للدولة وما عاد كذلك.
وهذا يحسب لابن تارودانت..