عندما تتحول المنحة الجامعية إلى “محنة”..
“محنة” حقيقية تلك التي يمر منها تلامذتنا الحاصلون على البكالوريا والراغبين في الاستفادة من منحة جامعية لا تتعدى “جوج فرنك” في السنة..
.
وفعلا ينبغي أن تتوفر في أسر هذه العينة من التلاميذ كل شروط الحرمان والعوز والفقر لعله يستفيد من هذه المنحة “البئيسة”…
وأنا هنا لا أريد أن أنغص فرحة هؤلاء التلاميد الناجحين في البكالوريا..
لكن أنا ضد أن تكون هناك شروط معينة أو “تفاصيل” معينة لنيل هذه المنحة.
لماذا؟
لأن “الشيطان”، لعنه الله، يكمن في هذه “التفاصيل” التي تقصي هذا الطالب أو ذاك..
والحال أن المنحة حق ينبغي أن يكون دستوريا لأي طالب بغض النظر عن الوضع المادي والاجتماعي لأسرته ولوالديه.
الطالب عندما يصل إلى هذه المرحلة من العمر ومن التعليم يصبح سيد نفسه ويصبح وصيا على نفسه ويصبح مسؤولا عن أفعاله.
وهذا معناه أن المنحة ينبغي أن ينالها الطالب بصفته طالبا وليس بصفته فقيرا ينتمي إلى أسرة فقيرة..
إذ من حق حتى ابن السيد أخنوش أو غير أخنوش أن يستفيد من هذه المنحة الجامعية..
ثم إن لائحة الفقراء أو الأغنياء غير معروفة في المغرب ويصعب رسم خارطتها بحدود دقيقة.
كما علينا ألا ننسى ما يشبه هذا المعطى الثابت:.
معظم الأغنياء، ومعهم أبناؤهم وبناتهم، هم أكبر المستفيدين من امتيازات الدولة ومن منحها ومن ريعها..
طبعا دون أن يعني هذا أن جميع الآباء الأغنياء لهم علاقة جيدة مع أبنائهم ويصرفون عليهم بسخاء.
بل إن بعض أبناء الأغنياء تجوز فيهم الصدقة بإجماع الفقهاء.
نعم لا خلاف في أن الجهات الوصية تبذل جهودا جبارة من أجل تحديد الشروط المؤهلة للاستفادة من المنحة أو بالأحرى للحرمان من المنحة..
لكن كم وددت لو بذلت هذه الجهود في البحث عن موارد مالية كافية ليستفيد جميع الطلبة من هذه المنحة مهما كان وضعهم الأسري..
نعم هذا هو الأصل وهذا هو المطلوب بذل تعذيب هؤلاء الطلبة وتعذيب أسرهم أمام العمالات وأمام الإدارات وربما بصفر نتيجة..
نتمنى من الوزير، الذي يحمل ربما أكثر من جنسية، أن يفعل شيئا يذكره له التاريخ في حصيلة الإنجازات لأننا لا نرى سوى الكوارث بعضها فوق بعض..