; مصطفى الفن يكتب: عندما نضحي بصورة بلد من أجل إنقاذ سمعة شخص – الخبر من زاوية أخرى | آذار – adare.ma
الخبر من زاوية أخرى

مصطفى الفن يكتب: عندما نضحي بصورة بلد من أجل إنقاذ سمعة شخص

مصطفى الفن يكتب: عندما نضحي بصورة بلد من أجل إنقاذ سمعة شخص
مصطفى الفنمصطفى الفن

هل تتذكرون واقعة ذلك المواطن الفرنسي داميان تاريل الذي صفع، قبل سنتين أو أكثر، رئيس الدولة الفرنسية إيمانويل ماكرون أثناء زيارة لهذا الأخير إلى الجنوب الشرقي بالبلاد؟

أكيد أنكم تتذكرون هذه الواقعة التي شاهدها ملايين الناس في كل أنحاء الدنيا..

لكن ماذا وقع لهذا المواطن الفرنسي الذي صفع رئيس الجمهورية الفرنسية أو بالأحرى رئيس بلد الأنوار؟

لا شيء حصل تقريبا..

بل إن المواطن الفرنسي داميان تاريل هو الآن حر طليق ويأكل الطعام ويمشي في الأسواق دون أن يحرم من أي حق من حقوق المواطنة..

كل ما وقع هو أن القضاء الفرنسي حكم على هذا المتهم بأربعة أشهر حبسا نافذا وما تبقى من الأشهر أخرى كلها موقوفة التنفيذ إذا لم تخني الذاكرة..

طبعا ما قام به هذا المواطن الفرنسي يبقى فعلا جرميا وسلوكا أرعن..

أقول هذا ولو أن التهمة التي وجهها القضاء الفرنسي إلى المعني بالأمر تبدو لي في منتهى التسامح حتى لا أقول التشجيع:

“ارتكاب عنف لم يتسبّب في عجز ضدّ شخص يتولّى سلطة عامة”..

ولاحظوا كيف تحول رئيس الدولة إلى مجرد شخص أمام هيبة القضاء..

كما أن صك الاتهام الموجه إلى المواطن الفرنسي خلا من أي تهمة ثقيلة آخرى كالتآمر على البلاد أو تقديم هدايا لأعداء الوطن..

لكن دعونا نطرح هذا السؤال لأن السباق يفرضه:

لماذا استفاد داميان تاريل من ظروف التخفيف في قضية ذات حساسية خاصة ولم يحكم عليه القضاء سوى بعقوبة خفيفة لا تليق بمقام ووزن الرئيس “المصفوع”؟

المواطن الفرنسي داميان تاريل استفاد من ظروف التخفيف ونال حكما مخففا لأن القضاء الفرنسي وضع في الاعتبار أن داميان شعر ب”الظلم” وشعر بأن ماكرون مسؤول عن هذا “الظلم” الذي أربك البلاد وأخرج أصحاب “السترات الصفر” إلى الشارع الفرنسي..

وأنا استحضر هنا هذه الواقعة من بلد هو نموذجنا في كل شيء لأقول أيضا وعلى شكل سؤال:

هل “الحملة” ضد فوزي لقجع هي “حملة ظالمة” أم أن الأمر يتعلق في الحقيقة ب”شبه انتفاضة” قادها جمهور عريض أحس بأن فريقه “ظلم” ومورست عليه “الحكرة” كما لو أنه “حائط قصير”؟

العارفون بخبايا الكرة هم المؤهلون للإجابة عن هذا السؤال وليس عبد ربه الذي تتشابه عليه كل ألوان الفرق الرياضية..

والواقع أن كل ما أعرف ليس سوى خطوط عريضة وهو أن الرجاويين يفترضون أن يكون رئيس جامعة كروية في صف الحق لا أن يكون دائما في صف فرق عديدة ضد الرجاء..

كما أن هذه “الحملة” أو “الانتفاضة” أو سموها ما شئتم هي تندرج في سياق العادي من جمهور شعر ب”الظلم” ضد شخصية عمومية يتقاضى راتبه من المال العام..

ثم إن وظيفة المسؤول العمومي هو أن يتفاعل إيجابًا مع مطالب “المظلومين” من الناس والتفكير في إيجاد حلول لها وليس البحث من خلف الستار عن أكبر قدر ممكن المتضامنين..

من جهة أخرى، وما أكثر الجهات في بلدي:

هل هذه “الحملة الظالمة ضد الوطن وضد لقجع وضد المقدسات”، كما تقولون، هي أول “حملة” ضد شخصية عمومية؟

أبدًا ولن تكون الأخيرة..

كما أني لم أفهم كيف أن هناك شخصيات عمومية كثيرة تعرضت في سياق مضى إلى “حملات ظالمة” لكن لا شخصية واحدة من هذه الشخصيات العموم نالت حظها الوافر من هذا التضامن “الكاسح” مثلما نال السيد فوزي لقجع..

السيد لقجع هو بشر ممن خلق ليس إلا.. ومن حق “المظلومين” أن يقولوا اللهم إن هذا لمنكر إذا ما شعروا ب”الظلم”

كما أن من حق السيد لقجع أن يلجأ إلى قضاء البلد إذا ما شعر بأنه تضرر أو أشعر بأنه “ظلم” و”اتهم بالفساد” من طرف “شخص ما” أو “جهة ما”..

أما “نزع” اختصاصات سيادية من رأس الدولة وإعطائها إلى وزير منتدب في حكومة تبدو هي أيضا منتدبة، فهذا هو حال الذي يتقدم خطوة إلى الأمام من أجل خطوتين إلى الوراء..

المثير في هذا المشهد الدرامي هو أننا نضحي بصورة بلد من أجل إنقاذ سمعة شخص.