حسن طارق يكتب: في وداع السي حمادي العڤربي لم يكن بالتأكيد مجرد لاعب كرة
لعله كان ساحرها الأكبر في البلاد التونسية، والمؤكد أن إسمه تحول الى أسطورة حية في مخيال الناس.
لكنه كان بالنسبة للمغاربة كذالك، لاعبا إستثنائيا. منذ أن تابعوه بشغف خاص رفقة المنتخب التونسي ذات مغامرة بعيدة في مونديال الأرجنتين عام 1978، ليظل لديهم إحدى علامات كرة القدم في تونس الشقيقة، حيث يخفي التنافس الرياضي الحاد والشريف في الآن نفسه بين المغاربة و التونسيين، تقاطعا لذاكرة مشتركة تتجاور داخلها: أسماء ووقائع وأحداث ورموز وبطولات وأساطير من كلا البلدين .
في استعادة حمادي العڤربي، كثيرا ما تحضر في أذهان المغاربة الأسطورة الأخرى : عبد المجيد الظلمي لاعب المنتخب المغربي ونادي الرجاء البيضاوي، إذ تبدو المقارنة غير قابلة للإلتفاف: داخل الملعب حيث تبرز لدى كليهما لمسات الفنان المختلف عن الأقران ومهارات الهواية المتمردة والعصية على قوالب الإحتراف الجاف، وخارج الملعب عندما يحدث أن يستمر الفنان في الحياة وسط قلوب الجماهير ، من خلال كيمياء نادرة تجمع بين مواصفات التواضع الفطري والعفة الأخلاقية والخجل الإنساني وبلاغة الصمت.
منح الظلمي الكثير من المعنى للرقم (6)، وكذلك فعل العڤربي مع الرقم (8).
كلاهما كانا يملكان قدرا من الشاعرية داخل الملعب وفوق رقعة الحياة .
وكلاهما سيبقيان طويلا بكثير من الملحمية الخالدة: طفلين أبدين لشعبين رائعين.
العادة ان الأسماء الصغيرة للاعبي الكرة، تظل شابة و مختصرة -باقتصاد وبلا ألقاب مضافة – عندما يورثها بحب جيل لأخر يليه ،كما لو كان يورثه وصية ثمينة. وحده السي حمادي العقربي استحق التبجيل الجميل في تداول إسمه الفريد مسبوقا ب”السي” دليلا آخر على مكانة أثيرة في الوجدان الجمعي .
بلا نجومية مصطنعة بكثير من التعالي ولا ضوضاء مفرطة في الضجيج، وبلا جري مضني على البقاء المتنطع تحت الأضواء، إمتلك حمادي العڤربي محبة الشعب، وتحول إلى ملهم للشبيبة .
أحر التعازي للشعب التونسي في فقدان حمادي العڤربي ولأسرته الصغيرة، صبر جميل.
حسن طارق سفير المغرب بتونس