الخبر من زاوية أخرى

تمرين المقاطعة.. هكذا يفكر السياسي/التاجر

حسن طارقحسن طارق


في تماطل تجاوب الشركات المعنية بالمقاطعة، الكثير من السياسة و نزر قليل من الإقتصاد. 
 
في منطق السوق، المقاطعة تجاوزت عتبة "الضرر" الذي يستدعي بحث الرأسمال عن حلول تفاوضية مع جمهور الزبناء، لكن وحده منطق الاقتصاد السياسي للسلطوية يفسر  تعطيل هذا التماطل. 
 
الرأسمال هنا لا يفكر في تدبير خصومة عادية مع زبناء، لكنه يفكر في تمرين المقاطعة كتمرد مواطنين على طوق الضبط الاجتماعي و الاقتصادي. 
 
والرأسمال عندما يفعل ذلك فهو يفكر نيابة عن السلطة الحامية والحاضنة، وليس انطلاقا من ردود فعل المقاولة البراگماتية. 
 
في الجدل حول مدى تسييس المقاطعة، لا ننتبه الى أن أول من أسرع بمنحها هذه الهوية "الطبيعية في النهاية" كان هو السلطة. 
 
السلطة فعلت ذلك عندما قدمت للمقاطعة عدوا نموذجا: بوسعيد، وانتقت لها خصوما مثاليين في الصحافة والسياسية. والآن تعطل السياسية قدرة الاقتصاد على تدبير منعرجات السوق، لأنها تنظر للمستهلك و تتذكر الناخب، تنظر الى الزبون وتتذكر المواطن! 
 
يفكر المواطن في الأسعار وفي رمضان المقبل، لكن السياسي/ التاجر يفكر في الخلايا الإلكترونية وفي خلفيات الحملة و توقيتها وفي الانتخابات القادمة. 
 
هم يعلمون أن المقاطعة سياسية، لأنهم يعرفون بالتجربة فضل السياسة على وجودهم الاقتصادي. وهو فضل سابق و لاحق على أي فضل آخر و لو كان السوق نفسه. 
 
في كلاسيكيات الاقتصاد السياسي المغربي، ثمة درس قديم: الدولة لدينا لم تصنعها الطبقات. الدولة لدينا هي من صنع بورجوازيتها. 
 
فعلت ذلك منذ فجر المغربة، وصولا الى ما بعد الخوصصة، بما يليق من ريع و زبونية ورخص وصفقات ورعاية و دعم و إعفاءات.
 
الحكاية معقدة قليلا، لكن المداويخ كيفهموها طايرة، أحسن بكثير طبعا من أصحاب لاكومنيكاسيون والمغكوتينغ وداك الشي!