الخبر من زاوية أخرى

حزب الأصالة والمعاصرة.. هكذا تحولت فكرة نبيلة إلى شركة قابضة لجمع “الكاش”..

حزب الأصالة والمعاصرة.. هكذا تحولت فكرة نبيلة إلى شركة قابضة لجمع “الكاش”..
مصطفى الفنمصطفى الفن

كان صديق الملك دقيقا في انتقاء الكلمات الدالة والمناسبة لتوصيف الوضع الداخلي لحزب الأصالة والمعاصرة أو بالأحرى ل”حزب الدولة”..

حصل هذا في سياق سياسي مضى حتى وإن كانت “بعض” تداعيات هذا السياق لا زلت مستمرة في الحاضر ..

ونقصد هنا عندما قرر الرئيس المؤسس طي صفحة البام قبل أن يحرر رسالة استقالة لا تخلو ربما من منسوب عال من “الإحباط”:

“إن المشروع السياسي، الذي على أساسه تم بناء الحزب، تعرض إلى انحرافات كثيرة”..

كما تحدث مؤسس الحزب أيضا في رسالته عما أسماه “المأزق” وعن “انهيار” كل الآمال التي كانت معلقة على هذه التجربة السياسية..

وطبيعي أن يحضر بعض “الإحباط” في رسالة الاستقالة لأن هذه التجربة كانت، في الأصل، فكرة نبيلة حتى وإن عارضتها هيئات وأطراف وأجزاء وشخصيات من خارج الدولة وربما حتى من داخل الدولة نفسها..

بل إن هذه الفكرة أعطاها ابن الرحامنة روحه وقلبه ووقته وجهده حتى أنه نزل من “عربة الحكم” بطموحات أكبر وبهذا الأفق أيضا:

“إحداث بعض التوازن في مشهد وطني هيمن عليه فاعل “سياسي” واحد وما عادت الأحزاب التقليدية، ولا حتى وزارة الداخلية، قادرة على على هزمه”..

لكن الذي وقع فيما بعد هو أن رقعة “الانحراف” داخل البام ستتوسع أكثر من هذا الذي تحدث عنه مؤسس الحزب..

بل “إن البام بكامله سيتعرض إلى الاختطاف في منتصف الطريق على يد بعض القراصنة”..

وهذا الكلام ليس كلام صحافي..

هذا الكلام قرأناه في تصريحات صحفية وصاحبه ليس سوى أمين عام سابق للحزب نفسه وهو السيد حسن بنعدي الذي أضاف أيضا منتقدا هذا المآل:

“إن الحزب ليس في حاجة إلى أمين عام وإنما في حاجة إلى وكيل عام”..

والإشارة هنا تحيل على الحجم الكبير من “الأعطاب” التي اخترقت، في مرحلة معينة، “ذاتا حزبية” لم تعد تفرز أي مكون من مكونات المناعة..

وبالفعل، إن ما حصل داخل الحزب، خاصة بعد رحيل مؤسسه، فاق “الخيال” وفاق كل التوقعات..

وربما لا أبالغ إذا قلت إن الحزب الذي كان فكرة نبيلة تحول، مع بعض قادته، إلى مجرد “شركة” قابضة بمهمة يتيمة وهي جمع “الكاش” من أصحاب الملفات والأثرياء الهاربين من العدالة..

والنتيجة هي كما نرى لا كما نسمع..

كثيرون دخلوا البام شبه معدمين ولا يملكون أي شيء من متاع الدنيا..

لكنهم اليوم تحولوا في ظروف غامضة إلى أثرياء يتطاولون في البنيان..

وإلى ملاك أراض وضيعات فلاحية شاسعة..

وإلى ملاك فيلات فسيحة..

ودون أن نتحدث طبعا عن الأبناء “المفششين” لهؤلاء القادة، ذلك أن الكثيرين منهم أصبحوا يدرسون في أغلى المؤسسات والمعاهد ويتجولون بسيارات فارهة لا يملكها حتى كبار الموظفين في البلد..

ولأن الحزب فتح أبوابه لكل من هب ودب بمن في ذلك أصحاب السوابق، فقد وقع “المحظور” والذي كان له ما بعده على صورة وسمعة الحزب..

وهذا “المحظور” هو الذي تجسد في تفكيك أخطر “مافيا” في الاتجار الدولي للمخدرات معظم رؤوسها هم قياديون في البام ولهم مواقع حساسة في العديد من المؤسسات الدستورية وغير الدستورية للمملكة..

أكثر من هذا، فما كدنا ننسى هذه القضية التي أساءت كثيرا للوطن حتى ظهر، اليوم في الحزب، خلف جديد أعاد كل شيء إلى نقطة الصفر..

حصل هذا حتى أن “الشريفة” الجديدة لهذا الخلف الجديد لم تعد تخفي أن كل قراراتها تنزل من “الفوق” وأن هذا “الفوق” غاضب على أبو الغالي وضد استوزاره و”راض” على ذلك “الثري” الذي كان شبه مقيم في الفيلا المعلومة..

كما أن “الشريفة” الجديدة نسيت مشاكل المتضررين من زلزال الحوز..

ونسيت مشاكل وزارتها..

ونسيت مشاكل مدينتها مراكش..

نعم نسيت كل هذه المشاكل ويبدو أنها فوضت تدبير كل مهامها إلى المجهول ولم تعد ربما منشغلة سوى بمشكل واحد وهو مشكل زوجها الذي يريد أن يسطو على “نصف المغرب” من أراضي الغير..

بقي فقط أن أذكر بأننا في المغرب وفي بلد هيئة الإنصاف والمصالحة وملك هذا البلد هو محمد السادس حفظه الله..

أذكر بهذا لأنه ينتابني إحساس أن البعض يريد أن يمارس السياسة ليس بشكل مغاير وإنما يريد أن يمارسها على طريقة بعض القياد والباشوات من زمن الاستعمار..