ميثاق الأغلبية.. لا حديث عن الوزراء التكنوقراط والجماعات المحلية
بقراءة سريعة لمضامين ميثاق 19 فبراير 2018، والذي جاء كلمخص للمبادئ الأساسية للدستور المغربي، الذي قدم كعرض سياسي ودستوري من المؤسسة الملكية استجابة لحركة الشارع المغربي في 20 فبراير 2011، يمكن تسجيل عدة ملاحظات، من بينها أن المبادئ الواردة في الدستور، جرى تضمنيها في ديباجة هذا الميثاق للأغلبية الحكومية.
وهي بذلك من حيث الدلالة السياسية والدستورية تشكل القاعدة المشتركة الصلبة بين مكوناته الستة، على أساسها سيتم العمل، وأي خروج على هذه المبادئ، سيكون ليس خروجا على الميثاق، ولكن "خرقا دستوريا صريحا"، يستوجب نسف التحالف، ويستتبعه، متابعة أمام الجهات القضائية العليا المختصة.
فالميثاق، أقر بثلاثة أعمدة رئيسية في الدستور، وضمنها بشكل متعمد من قبل اللجينة التي صاغت الميثاق، يبين عن بعد نظر ساسي واضح، وهذه الأعمدة، هي:
1- إن المملكة المغربية، وفاء لاختيارها الذي لا رجعة فيه، في بناء دولة ديمقراطية يسودها الحق والقانون، تواصل بعزم مسيرة توطيد وتقوية مؤسسات دولة حديثة، مرتكزاتها المشاركة والتعددية والحكامة الجيدة، وإرساء دعائم مجتمع متضامن، يتمتع فيه الجميع بالأمن والحرية والكرامة والمساواة، وتكافؤ الفرص، والعدالة الاجتماعية، ومقومات العيش الكريم، في نطاق التلازم بين حقوق وواجبات المواطنة.
2- المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية، الموحدة بانصهار كل مكوناتها، العربية-الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية.
كما أن الهوية المغربية تتميز بتبوؤ الدين الإسلامي مكانة الصدارة فيها، وذلك في ظل تشبث الشعب المغربي بقيم الانفتاح والاعتدال والتسامح والحوار، والتفاهم المتبادل بين الثقافات والحضارات الإنسانية جمعاء.
3- نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية. يقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلط، وتوازنها وتعاونها، والديمقراطية المواطنة والتشاركية، وعلى مبادئ الحكامة الجيدة، وربط المسؤولية بالمحاسبة.
تستند الأمة في حياتها العامة على ثوابت جامعة، تتمثل في الدين الإسلامي السمح، والوحدة الوطنية متعددة الروافد، والملكية الدستورية، والاختيار الديمقراطي.
غير أن إشكالات أخرى تطرح في هذا الصدد بخصوص الآلية التي ستشتغل بها لجان الميثاق، وما إذا كانت فكرت جيدا في عامل مهم، وحاسم، وهو "عامل الوقت"، فمن أين لهؤلاء في هيئة رئاسة الأغلبية، وهيئة الأغلبية بمجلس النواب وبمجلس المستشارين، وهيئيات التنسيق بين الغرفتين، كل هذا الترف من الوقت لإنفاق ساعات في تنسيق المنسَق وإعادة تدوير الكلام؟؟
ثم ما معنى أن يجري إغفال أكبر قطاع من الميثاق، وهو قطاع الجماعات المحلية، الذي يعرف تحالفات غريبة، وعجيبة بين أحزاب خارج التحالف الحكومي، في خلطة سياسية تؤكد على انعدام البعد السياسي في تدبير الشأن المحلي وهيمنة التدبير الفوقي، وهذ أحد أعطاب التنمية المحلية والمجالية، التي أعلن الملك محمد السادس عن فشل "نموذجها" ودعا إلى البحث عن نموذجي تنموي جديد.
والسؤال الأهم: ما محل الوزراء التكنوقراط، من الإعراب في من ميثاق الأغلبية، وأي ميثاق يليق بهم؟






