الخبر من زاوية أخرى

البيجيدي.. حزب بلا بوصلة بعد إعفاء بنكيران

مصطفى الفنمصطفى الفن


ما يقع داخل العدالة والتنمية يتجاوز "الرجة" التي تحدث عنها زعيم الحزب عبد الإله بنكيران عقب الإعفاء الملكي له من رئاسة الحكومة.

ما يقع داخل العدالة والتنمية يشبه إلى حد بعيد "فوضى عارمة ولا أبا بكر لها" لأن الأمين العام الجديد سعد الدين العثماني ليس "عنصر تجميع" يمتلك قدرة تذويب الخلافات بين أبناء الحزب الواحد.

العثماني، خاصة في هذه الظرفية الصعبة، قد يكون ربما عنصرا مغذيا لتفريخ المزيد من التيارات والأجنحة ليست على قلب رجل واحد في مواجهة "التحكم والسلطوية" ولكن تيارات وأجنحة بقلوب شتى ولتخرب بيتها الداخلي بأيديها.

صحيح أن هناك قادة من الحزب من يحملون مسؤولية هذه "الفوضى التنظيمية العارمة" إلى بنكيران، بل هناك من يتهم الزعيم بالتأسيس لهذا "الانفلات التنظيمي" عندما أحس بـ"صهد" الإعفاء يقترب منه.

بمعنى آخر أن هؤلاء القادة يعاتبون بنكيران لأنه يرى بأم عينه ما يتعرض إليه جناح الاستوزار من انتقادات لاذعة دون أن يخرج عن صمته ليقول للمنتقدين المحسوبين عليه: "اللهم إن هذا لمنكر".

أو دعوني أقول إن جناح الاستوزار وكل الموالين للعثماني لم يتقبلوا أن يتعامل بنكيران مع هذا "الانفلات التنظيمي" بمنطق "لم آمر به ولم يسؤني" فقط طالما أن المستهدف هو حكومة أخرى ووزراء آخرون ليس هو رئيسهم.

والحقيقة أن هذه "الدفوعات" التي يلقي بها المستوزرون وغير المستوزرين لا تصمد أمام واقع عنيد لأن بنكيران كان جزءا من الحل في تشكيل حكومة العثماني ولم يكن أبدا جزءا من المشكل.

وهذا ما اعترف به الجميع لبنكيران الذي تعامل دائما كـرجل دولة كبير في كل المحطات واللحظات الصعبة التي مر منها ليس الحزب فقط، وإنما البلاد أيضا.
"نعم، وهذه شهادة لله، كلما احتجنا بنكيران في شيء إلا ووجدناه داعما ومساعدا وميسرا للأمور"، يقول قيادي كبير من قادة البيجيدي لموقع "آذار" قبل أن يضيف "بل إن بنكيران كان له دور مركزي وحاسم في المؤتمر الوطني الأخير الذي قاد إلى انتخاب العثماني على رأس الحزب".

وبالتأكيد كان بإمكان بنكيران أن ينسف كل شيء لو تصرف كرجل ابتزاز وركب نفسه وهواه وتعامل بمنطق "أنا ومن بعدي الطوفان".

لم ينزل الرجل إلى هذا الدرك الأسفل من التفكير على الرغم من القصف المكثف والنيران الصديقة التي أصابت ظهره من أقرب الناس إليه من الذين آواهم وأطعمهم في "غاره الآمن" بحي الليمون.

ثم أنا لا أفهم كيف أن بعض قياديي العدالة والتنمية لم يبق لهم إلا أن يطلبوا من بنكيران بأن يتحول إلى حارس بمهمة واحدة وهي ضبط الحزب وإسكات الأصوات الغاضبة داخله خشية أن تضيع "المناصب والمكاسب" وباقي الامتيازات في هذه الفترة التي يتولى فيها العثماني رئاسة الحكومة والحزب معا.

ولأن البيجيدي يعيش انفلاتا تنظيميا، فقد أصدر فريقه البرلماني بلاغا مطولا حول جزئية صغيرة ببعد محلي للرد على منبر إعلامي تحدث عن استفادة مفترضة لوالد برلماني من الشمال من كشك.

نعم كان يمكن تفهم إصدار هذا البلاغ لو أن برلماني الشمال استهدفته جهة في الدولة أو حزب سياسي أو عامل أو وال كما هو الحال في قضية عبد العالي حامي الدين
أما قضية برلماني الشمال فليست قضية على الإطلاق ولا تستحق أن يلتفت إليها الحزب ولا فريقه اللهم إذا كان البيجيدي يسير بلا بوصلة وبلا خارطة طريق منذ إعفاء بنكيران.