الخبر من زاوية أخرى

العثماني يخرج عن تحفظه: الوردي أسوأ وزير صحة وهذا ما قاله لي الملك

مصطفى الفنمصطفى الفن


في أول خروج تنظيمي له بعد انتخابه أمينا عاما جديدا للبيجيدي، بدا سعد الدين العثماني على غير عادته وبغير تلك الابتسامة الدائمة، وهو يلتقي، السبت المنصرم ببوزنيقة شبيبة الحزب بجهة الدار البيضاء.
 
في هذا اللقاء الداخلي المغلق الذي حضره أكثر من 60 شابا وأعضاء من أكاديمية الحزب، خرج العثماني عن تحفظه وكاد أن يسود الاعتقاد بأن المتحدث هو شخص آخر غير العثماني الذي حافظ على هدوئه حتى في "الزلازل والفيضانات" السياسية.
 
 الطبيب النفسي، الذي خلف بنكيران على رأس الحكومة في سياق سياسي استثنائي، بدا غير مرتاح وردد أكثر من مرة، أمام شبابه الغاضبين منه، هذه العبارة الحمالة لكل الأوجه: "خليوني ساكت".
 
بل إن الرجل تحدث بنبرة غير نبرته وبخطاب غير خطابه حتى أنه في لحظة توتر تجرد من معطفه وهو يقول للغاضبين من الشباب: "وحتى هاذي صوروها وديروها في الفايسبوك". 
 
 ولأن الرجل كان جد متوتر وغير مرتاح، فقد أطلق النار  نحو أكثر من جهة داخل الحزب وخارجه ومسح الأرض بمدير جريدة وسماه بالاسم.
 
وطبعا جهة واحدة ووحيدة لم يطلق عليها العثماني النار وهي جهة المخزن وأجهزته.
 
وطبيعي أن يفعل العثماني هذا الذي فعل بعد سيل جارف من أسئلة شباب غاضب هاجمه هو شخصيا وهاجم تيار الاستوزار وهاجم أيضا السياق الذي ارتبط بتشكيل حكومة فيها الاتحاد الاشتراكي بكاتبه الأول إدريس لشكر.
 
ولم يقف سيل الأسئلة المحرجة عند هذا الحد، بل امتد ليشمل سياق إعفاء الزعيم بنكيران من رئاسة الحكومة ومن العضوية بالأمانة العامة للحزب وخلفيات الفيتو على القيادي المثير للجدل عبد العزيز أفتاتي.
 
وكان لافتا للانتباه أن العثماني لم يمضغ كلماته، بل بدا جد حاد وهو يوجه انتقاداته حتى إلى بنكيران عندما قال أمام ذهول الجميع إنه دائما على خلاف مع الرجل.
 
وهذا الخلاف، حسب العثماني، ليس وليد اليوم. إنه خلاف قديم وله ماض وتاريخ لكن العثماني يفرق هنا بين الخلاف في ما هو سياسي وبين ما هو شخصي.
 
ويعترف العثماني هنا أن علاقته الشخصية مع بنكيران علاقة عميقة وقوية لكنه يختلف معه في الكيفية التي كان يدبر بها الشأن العام من كرسي رئاسة الحكومة.
 
وعاتب العثماني التعامل التفضيلي الذي كان يخصصه بنكيران لحزب التقدم والاشتراكية وأيضا التطبيل لوزرائه مقارنة بباقي وزراء باقي الأحزاب الأخرى في حكومة واحدة.
 
أكثر من هذا، فقد قال العثماني إنه لم يفهم كيف أن بنكيران كان دائما يشيد بأداء الوزير الحسين الوردي في وزارة الصحة، بل لم يفهم كيف كان يصفه دائما بأنه أحسن وزير صحة في تاريخ المغرب.
 
و"أنا كطبيب وكمهني، يقول العثماني، أستطيع أن أقول بغير تردد إن الحسين الوردي هو أسوأ وزير صحة مر في تاريخ المغرب".
 
وزاد العثماني قائلا وهو ينتقد الوردي: "ثم إن السيد يشتغل بطريقة عشوائية وليس عنده حتى مخطط يضبط به إيقاع العمل داخل هذا القطاع الوزاري الهام".
 
ودعا العثماني شباب حزبه إلى استطلاع رأي العاملين بقطاع الصحة والعارفين بخباياه ليتأكدوا بأنفسهم بأن الوردي، وخلافا لما يقوله بنكيران، ليس أحسن وزير صحة في تاريخ المغرب، بل هو أسوؤهم بإجماع أهل هذا القطاع.
 
وواصل العثماني انتقاداته الحادة لذلك "الزواج الكاتوليكي الغامض" الذي جمع بنكيران والشيوعي نبيل بنعبد الله في الحكومة السابقة. 
 
العثماني دخل طولا وعرضا في هذا الحزب الشيوعي ذي المرجعية الشيوعية وكأنه يتحدث عن حزب معارض لحكومته الحالية لا عن حزب مشارك فيها.
 
 "نعم ينبغي أن نعترف، يقول العثماني، بأن الذي استفاد من التحالف مع البيجيدي في عهد بنكيران هو التقدم والاشتراكية وليس حزبنا". 
 
ولم يكشف العثماني تجليات هذه الاستفادة، لكن يبدو أن الرسالة وصلت واستيقنتها قلوب شباب البيجيدي بهذا المعنى:  
 
"من غير المعقول أن يحصل حزب صغير في عهد بنكيران على وزارات كثيرة لا تناسب وزنه السياسي ولا الانتخابي". 
 
ودافع العثماني في هذا اللقاء عن التركيبة التي شكلت بها الأمانة العامة للحزب وقال إنها تركيبة راعى فيها التوازن المطلوب وحرص أن يكون فيها حتى أولئك الذين كانوا مع الولاية الثالثة لبنكيران.
 
ويشير العثماني هنا إلى أنه أدمج أكثر من خمسة أسماء كانت مع التمديد لبنكيران مثل الوزير مصطفى الخلفي وإدريس الأزمي ومفيدي. . لكنه اعترف أنه رفض إدماج أسماء أخرى قد تكون لإدماجها في الأمانة العامة رسائل سياسية مشوشة.
 
وطبعا، فالعثماني يقصد هنا أسماء قيادية محددة أو قل مزعجة ومحرجة مثل عبد العالي حامي الدين وعبد العزيز أفتاتي وأمينة ماء العينين.
 
وكم كان مثيرا أن يعترف العثماني للحاضرين في هذا اللقاء بعظمة لسانه بأنه رفض إدراج اسم عبد العزيز أفتاتي في لائحة الأمانة العامة للحزب ليس لأن لديه موقفا منه.
 
العثماني رفض إدراج أفتاتي في هذه اللائحة لأنه لا يريد أن يتحمل هذه المسؤولية لوحده قبل أن يضيف أيضا "نعم مرحبا بأفتاتي وسيكون على رأس الأسماء التي نفكر في إلحاقها بالأمانة العامة للحزب لكن  ينبغي أن يكون هذا الإلحاق بقرار جماعي وليس بقرار فردي من الأمين العام".
 
وبالطبع، فإن العثماني هنا يقول بصريح العبارة إنه غير مستعد أن يتحمل الخرجات الإعلامية النارية والمواقف المثيرة والمحرجة التي قد تصدر عن أفتاتي بين الفينة والأخرى.
 
لكن ماذا قال العثماني عن عدم وجود الزعيم عبد الإله بنكيران ضمن تركيبة الأمانة العامة للحزب؟
 
جواب العثماني كان واضحا بحسب مصدر تحدث إلى موقع "آذار": "بنكيران هو الذي رفض أن يكون معنا في قيادة الحزب لأنه يريد أن يأخذ قسطا من الوقت ليفكر في ما ينبغي فعله في هذه المرحلة". 
 
وليس هذا فحسب، فقد دافع العثماني أيضا بقوة عن منجزاته وحصيلته على رأس الحكومة، بل إنه طمأن مناضلي حزبه ووعدهم خيرا حول مستقبل هذه الحكومة.
 
وقال العثماني بهذا الخصوص إن حكومته ستحقق العديد من المكتسبات وستقوم بالعديد من الإصلاحات الهامة لفائدة الوطن والمواطن.
 
 وإذا كان صحيحا أن شباب الحزب رفعوا سقف الحرج عاليا وهم يطرحون أسئلتهم على العثماني في كل صغيرة أو كبيرة، لكن ينبغي الاعتراف بالمقابل أن الطبيب النفسي استطاع في نهاية المطاف أن يطفئ غضب الغاضبين. 
 
بل دعوني أقول إن الطبيب النفسي استطاع أن يطمئن النفوس الحائرة أو الخائفة على مستقبل الحزب عندما عاد إلى التذكير بماضيه السياسي والدعوي الذي جمعه ببنكيران وغيره من قياديي الحزب دون أن تتفرق بهم السبل رغم الكثير من الامتحانات الصعبة التي اجتازوها بسلام.
 
أما نحن في هذا المولود الجديد "آذار" فنرجح أن النفوس الحائرة اطمأنت أو قل سكت عنها الغضب فقط لأنها شعرت ربما أن العثماني لم يكن يتحدث من فراغ وإنما كان يتحدث وخلفه دعم ملكي لحكومته.
 
وفعلا لم يصدق هؤلاء الشباب ما جاء على لسان العثماني عندما أثار قضية العفو الملكي على زملاء لهم في القضية المعروفة بـ"شباب الفايسبوك" الذين اعتقلوا بتهمة الإشادة بمقتل السفير الروسي بتركيا.
 
لنستمع إلى ما قاله العثماني لشبيبة حزبه" "لا تنسوا أن جلالة الملك قال لي في هذه القضية سأفرج على هؤلاء الشباب على وجهك أنت آلسي العثماني".