عندما قال أخنوش لوزير في حكومة العثماني: “أنت تحاربني في رزقي”..
و”من الهم ما يضحك” ولو أنه ضحك مثل البكاء مثلما يقال..
أما سبب هذا الضحك الذي يشبه البكاء فهو أن رئيسنا في الحكومة فاجأنا، أول أمس، باستقبال “غامض”، خص به رئيس “هيئة النزاهة” في مشهد يذكرنا بذلك “القط” الذي عاد من الحج و”قرر” أن يتوب إلى الله تعالى من أكل الفئران..
المهم بقية القصة تعرفونها ولا داعي لحكيها مرة أخرى..
شخصيا، أصبت بالذهول ولم أصدق الخبر في بداية الأمر..
لماذا؟..
لأن السيد عزيز أخنوش لم يتذكر شيئا اسمه النزاهة ومحاربة الرشوة إلا في الوقت الميت من عمر الحكومة بناطق رسمي يكفي أن تنظر إليه لتكرهه إلى الأبد دون أن تعرف السبب..
وحصل هذا أيضا بالتزامن مع هذه الاحتجاجات الشبابية التي طالبت برحيل السيد أخنوش في العديد من المدن المغربية..
كما أن “رئيس حكومة” غارق حتى الأذنين في تضارب المصالح..
وغارق حتى الأذنين في تفويت الصفقات العمومية لنفسه ودافع عن هذا التضارب من داخل المؤسسات الدستورية..
وغارق حتى الأذنين في تفويت الحقائب الوزارية لأصدقاء “المدام”..
وغارق حتى الأذنين في تفويت المناصب العليا للأهل وللأحباب وحتى لبعض “الأقزام” الذين بدا معهم المغرب كما لو أنه بلد صغير وعقيم جدا جدا..
رئيس حكومة بهذا المسار من الجشع ومن اللهطة وما وقع بأموال صندوق المقاصة حتى رئيس حكومة سابقا وصفه ب”اللص”، هل يمكن أن ننتظر منه أن يدعم النزاهة أو يحارب الفساد أو تأتي منه ذرة خير؟..
لا أعتقد..
واسألوا وزيرا سابقا في حكومة العثماني وكم عانى مع السيد أخنوش فقط لأن هذا الوزير أراد أن يحدث بعض التوازن وبعض التنافسية بين الفاعلين في المحروقات..
لكن ماذا رد السيد أخنوش الذي تحمل عناء المجيء إلى مكتب الوزير المعني وربما هدده بما يشبه هذا الكلام:
“أنت تحاربني في رزقي”..
ولم يكتف السيد أخنوش بهذا، بل إنه اشتكى هذا الوزير إلى العثماني نفسه..
كما لا نريد أن نذكر بواقعة شل حركة مجلس المنافسة طيلة سنوات وكيف هيمن الفراغ وهيمن معه “الافتراس” والتحكم في كل شيء يتحرك فوق الأرض في عالم المال والأعمال..
وأيضا كيف تم طرد رئيس هذا المجلس شر طردة إلى درجة أن الرجل خاف على مصيره وربما خاف حتى على حياته عقب اقترابه من عش “الدبابير”….
“لقد كادوا أن يقتتتتلوني..”، هكذا قال المعني بالأمر في سياق خاص لأحد المقربين منه..
المثير أيضا في مشهد استقبال السيد أخنوش للسيد بنعليلو هو مكان الاستقبال أيضا..
لقد جرى هذا اللقاء، إذا لم تخنني عيني، بالقاعة الرسمية للإقامة الوظيفية الخاصة برئيس الحكومة، وهو أمر لم يخل من بعض الغرابة..
لماذا؟..
لأن اللقاء جرى بين الطرفين وعلى انفراد حتى أن السيد بنعليلو بدا كما لو أنه ضيف أجنبي أو “مقرر أممي” في قضية ما جاء لأول مرة عندنا هنا بالمغرب..
ورأيي أن النزاهة ومحاربة الرشوة قضية تهم جميع المؤسسات العمومية وتهم جميع القطاعات الوزارية وغير الوزارية..
وكم وددت لو حضر، هذا اللقاء، وزراء وممثلون عن هذه القطاعات والمؤسسات المعنية بالنزاهة وبمحاربة الرشوة..
وهذا هو منطق الأشياء وهذا هو المفروض إذا ما أراد يكون رئيسنا في الحكومة “جديا” في محاربة هذه الآفة التي تخترق حتى حزبه وتسائله هو أيضا..
لكن “الجدية”، ولو أنها كلمة دخلت المعجم السياسي المغربي عبر خطاب ملكي، إلا أنها تبقى “أمرا ثانويا” ولا وزن لها بالنسبة إلى تاجر كبير لا يسمع إلا صوتا يبشر بالربح أولا..
أما جيل Z أو الأجيال كلها أو الأمن القومي للبلد نفسه فليذهب من في الأرض جميعا إلى الجحيم..





