عندما تفصل صفقات عمومية بالملايير على مقاس أربعة مقاولين..
دعونا نتحدث، من جديد، عن قضية المقاولين الأربعة الذين تكتلوا في شركة واحدة وفازوا بجميع صفقات “أطوروت المياه”..
الشركة اسمها “إيرزير بويلدينغس” واستفادت من صفقة بجهة الرباط القنيطرة ب600 مليار سنتيم..
واستفادت أيضا من صفقة بجهة مراكش ب430 مليار سنتيم..
كما استفادت أيضا من صفقة بجهة الدار البيضاء بما يفوق 200 مليار سنتيم..
حصل هذا حتى أن شركات متضررة لجأت إلى أسلوب “الاحتجاج” وراسلت من يهمهم الأمر بطريقة فيها الكثير من الغضب..
وأعود إلى الحديث عن هذه القضية ليس لأن صفقات “أوطورت المياه” تبيض ذهبا وتبيض ملايير بعضها فوق بعض..
والواقع أني أعود إلى هذه القضية لأنها قضية تلخص كل شيء عن الكيفية التي تسير بها عجلة “الاستثمار” وعجلة الافتراس وعجلة التهميش وعجلة الإقصاء..
وأيضا لأن هذه الكيفية في الاستثمار هي التي تجعل “المال دولة” بين بضعة من الأغنياء أو بين ثلثي الأغنياء بالبلد..
وفعلا إن الأمر فيه الكثير من الاستفزاز أن توزع ملايير الصفقات على مستثمرين محددين ضدا على القانون وضدا على الدستور وضدا على الخطابات الملكية..
وربما ليس مبالغة أن أقول إن هذه الكيفية التي تسير بها “ماكينة” الاستثمار في المغرب هي التي تدفع ربما الناس إلى “الاحتجاج” وإلى النزول من الجبال إلى سفوح الأرض..
المثير أيضا أن رئيسنا في الحكومة هو نفسه ربما من يوقع “التوقيع النهائي” على هذه الصفقات التي لا يمكن أن يفوز بها إلا من لهم “خالات في العرس” ويحظون برضى الوزارة الوصية..
ورئيس الحكومة نفسه هو من يدافع عن هذا النوع من “الاستثمار” الخادم للأقليات..
بل إنه يفعل ذلك من داخل المؤسسات الدستورية ومن داخل البرلمان أمام صمت برلمانيي الأمة..
أما الأغلبية من الناس من “المغرب المنسي” ومن أيث بوكماز ومن الجبال ومن المناطق النائية فليس لهم سوى الله..
وربما قدرهم أن يسيروا إلى “حتفهم” مشيا على الأقدام لمسافات طويلة تحت أشعة الشمس الحارقة..