الخبر من زاوية أخرى

الصحافة بالمغرب.. من التنظيم الذاتي إلى “التخريب الذاتي”..

الصحافة بالمغرب.. من التنظيم الذاتي إلى “التخريب الذاتي”..
مصطفى الفنمصطفى الفن

لست مقاولا وما ينبغي لي..
وربما ما لهذا خلقت..
أنا مجرد صحافي لا غير..
وبهذه الصفة، أرى لزاما علي أن أقول بضع كلمات، في سياق ودي، في هذا النقاش الحامي الوطيس بين أبناء القبيلة الواحدة:
قبيلة الصحافيين..
وأقصد هنا هذا النقاش الذي فرض علينا جميعا بلا سابق إنذار..
وبلا سابق استعداد..
وبلا سابق تشاور حتى مع الهيئات المهنية سواء الممثلة للصحافيين أو الناشرين..
حصل هذا عقب “المصادقة السرية” لحكومة “المال والأعمال” على مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة ومعه مشروع قانون الصحافي المهني..
ولست أنا من يقول هذا الكلام الغاضب والمنتقد لمضمون هذا المشروع الذي يريد أن يفرض علينا جميعا “زيا موحدا”..
والعبارة هنا من إبداع صديقي مصطفى بن الراضي..
وهو أيضا مشروع يريد أن يضع الصحافة والصحافيين في نفس الخانة مع باطرونات الاتحاد العام لمقاولات المغرب ومع أرباب معامل النسيج..
مثل هذا الكلام الرافض لهذا القانون “النازل الفوق” قاله وزراء اتصال سابقون مشهود لهم بالمصداقية وبالنزاهة الفكرية..
وقالته إطارات مهنية كثيرة..
وقاله صحافيون وحقوقيون كثيرون..
وقالته فيدرالية الناشرين..
وقاله اتحاد المقاولات الصحفية الصغرى..
بل هناك من وصف هذا المشروع بأنه “قانون جنائي جديد لضبط الصحافة وليس لتنظيم الصحافة”..
أما صديقنا حميد المهداوي فقد ذهب بعيدا حتى أنه شبه الكيفية التي نزل بهذا هذا القانون ب”بعقيدة مناحيم بيغن” والتي تعني: “نفذ ثم برر فيما بعد”..
أما أنا فلدي ملاحظة واحدة لا ثاني لها..
وهذه الملاحظة هي جوهر التنظيم الذاتي في مهنة لا تشبه باقي المهن ولو أن الصحافة ليست مهنة..
إنها سلطة مضادة لما عداها من السلط: تنفيذية أو تشريعية أو قضائية..
شخصيا لا تهمني الصلاحيات الزجرية والعقابية والتأديبية للمجلس الوطني للصحافة المنتظر..
ما يهمني بالتحديد هو أن يكون هذا المجلس منتخبا بطريقة ديمقراطية ومستقلة..
أما أن يكون عندنا مجلس، بهذه العقوبات الزجرية الواسعة والتي قد تصل إلى “الإعدام”..
ومجلس لا يختاره الصحافيون عبر صناديق الاقتراع وإنما مجلس تختاره “جهة ما” عبر التعيين أو عبر الانتداب أو عبر الهاتف..
فهذا ليس لا مجلسا ولا وطنيا ولا تنظيما ذاتيا..
إنه “التخريب الذاتي” بعينه وبشحمه وبلحمه..