الخبر من زاوية أخرى

الدار البيضاء.. “الانفلات” يواصل تمدده..

الدار البيضاء.. “الانفلات” يواصل تمدده..
مصطفى الفنمصطفى الفن

دعونا نذكر ونتذكر، مرة أخرى، ما جرى وما يجري من “انفلات” هنا في الدار البيضاء..
ومهم جدا أن نذكر ونتذكر لأن رقعة هذا “الانفلات” ظلت دائما في اتساع مضطرد..
حصل هذا حتى بعد ذلك الخطاب الذي خصصه ملك البلاد لهذه المدينة العملاقة قبل قرابة 12 سنة..
بل إن هذا “الانفلات” وصل ذروته حتى أن “علي بابا” وزوجته ذكرا معا وبالاسم في وثائق قضائية في قضية شبكة صفقات وزارة الصحة..
ورغم أن هذا الملف توبع فيه أكثر من 29 متهما بينهم أصحاب شركات خاصة ومديرون وموظفون في الوزارة..
ورغم أن العديد من هؤلاء المتهمين صدرت ضدهم أحكام ثقيلة..
رغم كل هذا إلا أن أن “علي بابا” وزجته لم يستدعيا حتى كشاهدين على ما نسب إليهما في قضية الرحلة الاستجمامية إلى الإمارات والتي مولتها شركة استفادت في ظروف غامضة من صفقات الوزارة نفسها..
ومن تجليات هذا “الانفلات” أيضا بأكبر مدينة بالمغرب هو هذه العودة القوية لوزير سابق طرده الملك شر طردة في قضية حساسة لها صلة بالمبدأ الدستوري الذي يربط المسؤلية بالمحاسبة..
لكن الذي حصل هو أن هذا الوزير السابق الذي طرده الملك من الباب عاد به السيد عزيز أخنوش من النافذة ليخوض به انتخابات حكومة المونديال كما لو أن لا شيء حصل..
كما أن هذا “الانفلات” الجاري بالدار البيضاء يفرض أيضًا أن نتساءل عن مصير ملف ذلك “الثري الجديد” الذي حول، في وقت سابق، جماعة دار بوعزة إلى ضيعة خاصة..
وأنا هنا لا أبالغ..
لأن هذه الضيعة درت بالفعل على الكثيرين جبالا من “الكاش” بعد أن تعطلت كل القوانين وتعطلت التنمية وانتعش القبح وازدهر البناء العشوائي وانتفخت الكثير من البطون..
وأقول هذا لأني لا زلت أتذكر كيف أن هذا الملف عرف، في وقت من الأوقات، تطورات مثيرة وقطع أشواطا متقدمة على مستوى التحقيق..
كما لا زلت أتذكر أيضا كيف أن حبل “المشنقة” اقترب من عنق هذا “القرش” الذي كاد أن يفترس كل شيء لولا أن وزارة الداخلية سارعت إلى عزله وربما حتى إلى “نصحه” بعدم الترشح للانتخابات..
لكن العزل لوحده غير كاف طالما أن “القرش” لم تطله يد المساءلة حول مصدر هذه الثروة القارونية التي جمعها من لا شيء..
شخصيا لم أفهم أيضا كيف أن هذا الملف عرف مؤخرا بعض الفتور “المفاجئ” ولم نعد نسمع عنه أي شيء..
وهذا ما حصل أيضا حتى في ملف برلماني وقيادي الأحرار الذي استمعت إليه الفرقة الوطنية للشرطة القضائية أكثر من مرة..
وأتحدث هنا بالطبع عن ملف السطو على أرض من أراضي الدولة في قلب الوازيس بالدار البيضاء بطرق احتيالية..
ولن أتحدث عن القيمة المالية لهذه الأرض، التي تحولت إلى “صدقة” في سياق خاص، لأن هذه القيمة المالية قد تتجاوز اليوم ربما 80 مليار سنتيم..
لكن، وعوض أن يعمل الحزب على تفعيل إجراءات التأديب ضد برلماني من برلمانييه تطارده شبهة الفساد، فإن العكس هو الذي حصل..
ذلك أن الحزب المشغول اليوم ب”الذكاء القفي عوض الذكاء الاصطناعي”، بتعبير السيد نبيل بنعبد الله، “كافأ” المعني بالأمر بمسؤوليات انتدابية جديدة في أكبر مدينة بالمغرب ضدا على القانون وضدا على التعليمات الملكية الداعية إلى التخليق..
وما كان لهذا أن يقع لولا سياق سياسي غير عادي وجد فيه أمثال هؤلاء أحزابا تحميهم ووجدوا “نافذين” و”إيسكوبارات” وعدوهم بالحصانة وبالإفلات من العقاب وقالوا لهم:
“نحن الدولة”..
وظني أن ما ارتكبه “قرش” دار بوعزة ومعه قيادي الأحرار من أفعال ذات شبهة إجرامية هو ربما أخطر بكثير أمام ما فعله مبديع الحركة الشعبية الذي يوجد اليوم خلف القضبان..
كما أن ما فعله أيضا قرش دار بوعزة ومعه قيادي الأحرار هو أخطر بكثير أمام ما فعله حواص حد السوالم الذي يقضي حاليا عقوبة سجنية نافذة بسبع سنوات..
وأنا لا أريد هنا شرا أو سوءا بأحد والله يشهد..
لكن أن تكون لك هذه السوابق وكل هذه الثروة الطائلة وبهذا الغموض الفادح.. فعلى الأقل ينبغي أن تتوارى قليلا إلى الخلف..
لماذا؟
لأن هذا “التبناد” في الصفوف الأمامية فيه ربما ما يشبه “الاستفزاز” لبسطاء الناس الذين يموتون كل يوم ألف مرة بحثا عن “سرديلة” واحدة وعن كسرة خبز “حلال” في هذا الزمن الأغبر من الغلاء..
وعلى ذكر السردين وغلاء “السردين، ليت السيد شكيب لعلج رئيس “الباطرونات في المغرب” يتحدث في هذا الموضوع حتى لا يضطر غيره إلى الحديث..