مع أخنوش.. هكذا يتواصل مسلسل بيع الوهم..
لا زال السيد عزيز أخنوش يواصل مسلسل بيع “الوهم” في مزاد علني بدأه الرجل منذ أن كان وزيرا للفلاحة في أكثر من حكومة قبل أن يصبح اليوم رئيسا لحكومة قد تكون ربما هي “الأسوأ” في تاريخ المغرب المستقل..
في آخر حلقة من هذا المسلسل الطويل لتسويق وبيع الأوهام، قال السيد أخنوش أمام “شبيبة” افتراضية بأكادير إنه حقق “ثورة غير مسبوقة في البلد”..
ولم يكتف السيد أخنوش بهذا، بل أضاف أيضا أمام ذهول بعض العقلاء في الحزب إن سعادته استطاع “أن يجعل من المغرب أول دولة اجتماعية في إفريقيا”..
وينبغي أن نحمد الله تعالى لأن السيد أخنوش جعل هذه “الدولة الاجتماعية” تقف عند حدود القارة الإفريقية ولم تتمدد في اتجاه حدود باقي القارات الأخرى من العالم..
وظني أن ما قاله السيد أخنوش عن “الثور وعن الثورة وعن الدولة الاجتماعية الوحيدة في إفريقيا” هو كلام لا يخلو ربما من بعض الحمق ومن بعض الاستفزاز أيضا..
لأنه إذا صح هذا الكلام فهذا معناه أن المغرب بدأ من الصفر..
وهذا معناه أيضا أن المغاربة، شعبا وملكا، ظلوا ينتظرون قرونا من الزمن حتى جاء السيد أخنوش ليحقق لهم هذه “الدولة الاجتماعية” التي ما كان لها أن ترى النور لولا أن حكومته جاءت في الزمن السياسي المناسب..
يا لهذا الاحتباس السياسي الذي أصاب السياسة في البلد!!..
ثم إن تاريخ المغرب لم يبدأ مع تعيين رئيس حكومة اسمه أخنوش حتى لا أقول إن الكثير من القنابل الاجتماعية لم تظهر ربما في هذا البلد إلا مع مجيء رئيس حكومة بهذا الاسم..
كما أن الادعاء بكون “السيد أخنوش هو الذي جعل من المغرب أول دولة اجتماعية في إفريقيا وهو الذي أنجز ثورة غير مسبوقة” هو كلام في منتهى الحساسية..
لماذا؟
لأن الناس سينتابها الشك وربما قد تتوهم أن البلد عقيم وأرض قاحلة ولم تمر منه حكومات سابقة وليس فيه لا دولة ولا مؤسسات ولا ملك ولا ملكية ولا هم يحزنون..
وبالفعل وأنت تستمع إلى خطاب السيد أخنوش يخيل إليك أن بلدنا كان معطوبا وكان مشلولا وكان متوقفا عن الاشتغال وكان بدون بوصلة قبل مجيء السيد أخنوش..
وربما كان من الممكن أن يظل البلد كذلك لولا أن الله أراد بنا خيرا وأرسل لنا هذا الملياردير لينقذ ما يمكن إنقاذه..
لكن ما كاد السيد أخنوش ينهي خطابه الكرنفالي بأكادير حتى جاء الرد من شمال المغرب ومن مدينة الفنيدق تحديدا..
أي عندما قرر آلاف الشباب اليائسين والمحبطين “الفرار الجماعي” من هذه “الدولة الاجتماعية” التي يبشر السيد أخنوش والتي لا وجود لها على الأرض مع هذا الغلاء المشتعل في كل شيء وفي محطات إفريقيا بصفة خاصة..
اللافت أيضا، وأنا أقرأ مقالة أنيقة لزميلي مصطفى ابن الراضي، وهو أن هؤلاء الشباب اليائسين اختاروا “الهروب الجماعي” من وطنهم حتى دون أن يطالبوا بفرص شغل ودون أن يحتجوا على مخاطب رسمي ودون أن يحتجوا على حكومة ولا على رئيس حكومة ولا أن يطالبوا برحيله..
لكن ما هو مؤكد أيضا وهو أنه ليست هذه أول مرة يقول فيها السيد أخنوش مثل هذا الكلام الذي يقترب ربما من بعض مضامين الوصلات الإشهارية التي التي تدعي وتزعم أن “أومو يصبن أحسن من تيد”..
كما سبق للسيد أخنوش أن قال أيضا ما يشبه هذا الكلام في سياق آخر وربما بهذه الصيغة:
“إن ما تحقق من إنجازات في سنة واحدة في عهد الحكومة الحالية لم يتحقق خلال عشر سنوات كاملة مع الحكومات السابقة”..
أخنوش ذهب أبعد من ذلك وقال أيضا في مناسبة أخرى “إن المغرب مع هذه الحكومة هو أحسن بكثير حتى من الدول الأوربية والأمريكية على مستوى التضخم”..
وبالطبع من منا لا يتمنى عكس ذلك؟
شخصيا، كم وددت لو أن هذه الصورة الوردية التي يرسمها السيد أخنوش عن إنجازات وكرامات وفتوحات حكومته هي فعلا كذلك وواقع حقيقي نراه ونلمسه ونعيشه..
لكن يبدو أن السيد أخنوش وقع له بعض الخلط بين الثورة والثروة وتشابهت عليه الأرقام والأرباح والعائدات..
والحقيقة أن السيد أخنوش كان يتحدث أمام شبيبته بأكادير ربما عن أرقام “الثروة غير المسبوقة وعن الدولة الاجتماعية” للهولدينغ العائلي “آكوا” وعن مداخيل شركاته العملاقة..
ولم يكن يتحدث أبدًا عن واقع عنيد لفئات عريضة من المغاربة غلبهم الزمن وغلبهم الغلاء ولم يعودوا قادرين حتى على شراء قطعة لحم أو حبة طماطم..
ومع ذلك، فمن حق السيد أخنوش أن يتحدث عما يشاء وأن يقول ما يشاء لأن الكل معه ولأن الفايسبوك معه ولأن دفاتر شيكاته قادرة على حل جميع المشاكل..
وأيضا، وهذا هو الأخطر، لأن “الملياردير يملك البر والبحر والجو”..
وطبعا حقوق الملكية الفكرية لهذه العبارة الخالدة التي قيلت داخل البرلمان مسجلة باسم السيد هشام المهاجري، ذكره الله بخير..