وفاة جمال براوي.. عندما يخلو قلب “الداعية” إلى الله من رحمة الله..
جمال براوي كان بالفعل صحافيا مقتدرا مهما كان الاختلاف معه..
وربما لهذا السبب لم تكن وفاة جمال حدثا عاديا..
والواقع أن وفاة جمال كانت محطة حزن وألم عاشتها أسرته وعاشها الكثير من قرائه ومن أصدقائه ومن محبيه..
بل إن أعلى سلطة في البلد أبى إلا يوثق هذه المناسبة الأليمة ببرقية تعزية ملكية كريمة تلاها أبناء الراحل في “عشاء تأبين” حضره عبد ربه وحضره الكثير من الناس..
وفي الوقت الذي لا زالت عائلة الراحل تتلقى واجب العزاء في وفاة والدهم..
وفي الوقت الذي لا زالت العائلة تتألم من شدة الفراق والرحيل، خرج “داعية” نزع الله الرحمة من قلبه بتدوينة “إرهابية” هي في الأصل بمثابة رد على التعزية الملكية..
وتكاد تقول هذه التدوينة المحرضة على “قتل” و”إعدام” المخالفين من أمثال جمال براوي:
“إن هذا الذي هلك لا تجوز تعزيته ولا يجوز دفنه في مقابر المسلمين وكان ينبغي أن تقطع يداه ورجلان من خلاف في حياته لأنه كان يوظف قلمه في محاربة الإسلام والمسلمين”..
نعم هكذا قرأت شخصيا هذه التدوينة المليئة بالحقد وبالتشفي والخالية من أدنى ذرة من إنسانية ومن دين الله..
لكن علينا ألا نستغرب من هذا الذي نرى..
لماذا؟
بكل بساطة لأن كاتب هذه التدوينة “الإرهابية” ليس سوى “إرهابي” بحكم قضائي حائز على قوة الشيء المقضي به..
بل يمكن القول أيضا إن هذا “الداعية” لغير الله “تطرف” أكثر وربما “اشتاق” أكثر لرؤية الدماء والأشلاء المقطعة بعد أن غادر السجن بعفو ملكي ذات سياق..
بقي فقط أن أذكر بقصة اعتقال هذا “الداعية” عشية التفجيرات الإرهابية التي هزت الدار البيضاء ليلة 16 ماي قبل 21 سنة مضت..
القصة كما قرأناها في الصحف وقتها أن المعني بالأمر رفض أن يسلم نفسه للأمن الوطني رغم وجود مذكرة بحث في حقه..
فماذا فعل هذا “الداعي” للكراهية بين أبناء الوطن الواحد؟
لقد اختار أن “يختبئ” في بيت زعيم سياسي معروف..
لكن الذي حصل هو أن وزير الداخلية وقتها مصطفى الساهل سيتصل بهذا الزعيم السياسي ليقول له بلهجة لا تخلو من صرامة:
“عليك أن تسلمني فلان.. وهذا أمر من جلالة الملك”..
طبعا لا داعي لإكمال باقي القصة حتى لا ننكئ بعض الجراح..
رحم الله الصحافي الكبير جمال براوي وأسكنه فسيح جنانه ورزق أهله الصبر والسلوان ولله ما أعطى ولله ما اخذ.