حكومة الغلاء..
قد يتفهم الناس أن تشتعل الأسعار في كل شيء لأن هذا الأمر له ربما ارتباط وثيق بالجفاف وبندرة المياه وبالبرد وبالثلج وبالحرب في أوكرانيا وبارتفاع أسعار النفط في السوق الدولية..
نعم هكذا قيل لنا، في وقت سابق من طرف الناطق الرسمي باسم الحكومة، لتبرير “الجشع” وربما لتبرير “الجرم” أيضا..
لكن ما لم تقله الحكومة أو ناطقها الرسمي وهو أن الحيثان الكبيرة، التي تحتكر البر والبحر والجو، تعاملت دائما مع المغاربة بمنطق “المنشار” ولم تتعامل أبدًا حتى بقانون السوق وبأخلاق التجارة..
وليس سرا أن هذه الحيثان الكبيرة لها سوابق في “شبهة التواطؤ” لكي تظل نار الغلاء مشتعلة في كل شيء حتى أن كيلوغرام تين تجاوز سعره 35 درهما..
بل إن هذا الارتفاع في الأسعار هو القاعدة الثابتة في المغرب سواء نزلت الأسعار في السوق الدولية أو لم تنزل..
وهذه مناسبة لنذكر ب”أم الفضائح” التي جرت، في سياق ما، تحت هذا العنوان:
“أوراق وفواتير وهمية مقابل الأموال السائبة لصندوق المقاصة”..
أي عندما كان كبار الفاعلين في سوق المحروقات يأخذون أموالا كثيرة من هذا الصندوق بكيفية هي ربما أقرب إلى “شبهة” الاختلاس..
حصل كل هذا “النهب” في المال العام بدون أي وازع أخلاقي أو سياسي أو إنساني في الوقت الذي يعيش فيه ملايين المغاربة تحت عتبة الفقر وتحت عتبة البؤس وبدون حتى الحد الأدنى من الكرامة الآدمية..
شخصيا أتفهم كل هذا الذي ذكرت قبل قليل حول غلاء المعيشة..
لكن غير المفهوم وغير المتفهم هو ألا يحتج الناس..
وألا تحتج أحزاب المعارضة..
وألا يحتج السيد بنكيران..
وألا يحتج السيد إدريس لشكر..
وألا تحتج السيدة منيب..
وألا تحتج شبيبات الأحزاب..
وألا تحتج النقابات..
وألا تحتج نخب المجتمع..
وألا يحتج رجال التعليم وغير التعليم..
وألا يحتج الفايسبوك..
وألا تحتج مواقع التواصل الاجتماعي ضد هذا الغلاء المطرد وضد رئيس حكومة يبيع لنا كل شيء ب”دقة النيف”..
طبعا أنا أتحدث هنا عن الاحتجاج القانوني والسلمي حتى لا يتبلد الحس وحتى لا تموت الأنفس من طول الصمت.