عندما تعجز “قاضية” عن إثبات “ادعاءات” ثقيلة..
لا أحد يتمنى اعتقال أو سجن امرأة سواء كانت مسنة أو غير مسنة إلا من سفه نفسه..
فأحرى أن تكون هذه المرأة قاضية سابقة..
وكم وددت، والله يشهد، لو توبعت المعنية بالأمر في حالة سراح لأنني لست من الذين يفرحون بمآسي الناس وبأحزان الناس..
لكن كل هذا يبقى بالنسبة إلي أمرا “شكليا” أمام “جوهر” الخسارة الفادحة التي تكبدها ربما الوطن في هذه القضية..
كما أن هذا الملف هو أكبر من اعتقال امرأة..
وهو أكبر من سجن امرأة..
وهو أيضا أكبر من أي مسؤول قضائي ذكر في الملف نفسه..
لماذا؟
لأن القاضية السابقة، التي أفنت أكثر من 30 سنة في سلك القضاء، لم تستطع أن تثبت، أمام المحققين، ولو 0,0000 في المائة من تلك “الادعاءات” الثقيلة التي وجهتها إلى مسؤول قضائي ذكرته بالاسم..
صحيح، كانت القاضية ستكون في موقع قوة لو أنها قدمت الإثباتات والحجج الدامغة على كل ما صرحت به من “مزاعم” ومن “ادعاءات”..
وحتى المسؤول القضائي الذي ذكر بالاسم ستنتفي ربما الحاجة إليه وسيصبح مطالبا بالرحيل والحالة هذه..
لكن الذي جرى هو أن القاضية، التى تصرفت في وقت من الأوقات بدون وكالة الوالد، لم تقدم للمحققين ولو “شبه جزئية” صغيرة من “شبه إثبات” قد
يدعوك إلى ترجيح روايتها أو إلى التعاطف معها..
وهذا أمر في منتهى الخطورة حتى لا أقول إن القاضية وضعت ربما حتى تلك الأحكام والقرارات، التي كانت تصدرها قبل أن تتقاعد، محط الشك ومحط الارتياب..
وفعلا فعندما تتهم مسؤولا قضائيا، ينوب عن الملك في جهاز ارتبطت استمراريته باستمرارية الدولة، باتهامات بوزن الجبال، فعليك، قبل تصوير أي فيديو بطريقة احترافية، أن تكون مسلحا بالأدلة التي تثبت هذه الاتهامات..
أما إذا قالت قاضية، ذات خبرة وتجربة وعمر مهني طويل، أي شيء وأي كلام وأي ادعاء مشكك في الذمة دون أن تخشى المحاسبة ولا المساءلة فهذا لا يليق بقاض ولا بعاقل طالما أن أفعال العقلاء منزهة عن العبث..
ولا أريد أن أتحدث أيضا عن التناقضات الصارخة وعن كثرة الدخول والخروج في الكلام لأن ما اطلعت عليه يشبه ربما فيلما غير “محبوك” وربما من نسج خيال متحكم فيه عن بعد..
وأنا هنا لا أبالغ..
ويكفي أن السيدة لم تتذكر أي شيء ولم تدل بأي شيء:
لا ميساج..
لا رقم هاتفي..
لا عنوان منزل..
لا سائق خاص..
لا نوع السيارة..
ولا هم يحزنون..
أكثر من هذا، لقد زعمت المعنية بالأمر أيضا في هذا الفيلم أنها شاهدت، في صباح مبكر ومظلم، ملثمين على متن سيارة بزجاج غير كاشف للرؤية أمام منزلها..
ورافق كل هذا ما يشبه التشويق لأن الملثمين لاذوا بالفرار دون أن تلتقطهم أو ترصدهم أي كاميرا منزلية..
كما ذكرت المعنية بالأمر للمحققين تواريخ وروايات ينسخ بعضها بعضا وينسف بعضها بعضا كما هو مثبت في الخبرة التقنية التي أجريت على هاتفها..
وحتى عندما “تذكرت” المعنية بالأمر توقيت وتاريخ لقائها المزعوم بالمسؤول القضائي في بيته فقد كان حظها عاثرا..
أتدرون ماذا وقع؟
الذي وقع هو أن هذا التاريخ وهذا التوقيت بالضبط تزامن مع وجود المسؤول القضائي نفسه في مهمة في مدينة أخرى لإلقاء كلمة في منتدى حضرته أكثر من ألف امرأة..
وطبعا لن أتحدث عن حيازة أرض ب40 مليون سنتيم لتتحول في ظروف غامضة إلى أرض تساوي 80 مليار سنتيم كما لو أننا لسنا في المغرب..
وأنا أقول هذا ليس دفاعا عن رواية بعينها..
بل أقول هذا لأن “الادعاءات” الثقيلة التي وجهتها المعنية بالأمر لا تسيء فقط إلى مسؤول قضائي بعينه..
والواقع أن هذه “الادعاءات” الثقيلة تسيء إلى المملكة وتسيء إلى القاضي الأول للمملكة وتسيء إلى العدالة بالمملكة أيضا..
بقي فقط أن أتساءل:
ترى، هل ستعتذر القاضية السابقة عما صدر عنها من اتهامات لم تستطع إثباتها؟
أتمنى ذلك.. وأتمنى من المحيط العائلي للقاضية أن يكون جزءا من الحل لأن أعراض الناس وذمم الناس، مهما كانت مواقعهم، ليست لعبة..