هكذا أصبح تولي المنصب العمومي “مستباحا”..
في زمن مضى، كان تولي المنصب العمومي، والمسؤلية العمومية، يجري وفق منطق..
ويجري وفق حد أدنى من الأخلاقيات ومن الأعراف ومن الوقار..
لكن اليوم، فقد أصبح كل شيء مستباحا حتى أنه قد ينتابك إحساس كما لو أن الكلمات غادرت معانيها..
وربما لا أبالغ إذا قلت إن الهيبة سقطت عن كل شيء..
حصل هذا حتى أنه يمكن، اليوم، لكل من هب ودب أن يتقلد ربما أي منصب وأي مسؤولية..
وكاد أن يتحقق هذا “المكروه” في ما هو أخطر من ذلك ذات سياق..
ولاحظوا مثلا ما يجري في عالم الكرة وفي جامعة الكرة وفي بعض الأندية الرياضية العريقة تحديدا..
وفعلا إن ما يجرى في هذا العالم هو أقرب إلى الانقلاب في كل شيء بما في ذلك الانقلاب على القيم وعلى التاريخ وعلى إرث الآباء المؤسسين..
ولا بأس أن أذكر هنا بأن النادي، الذي ترأسه سفير سابق وقامة تسييرية وازنة وكان ضمن الوفد الذي دافع عن ملف الصحراء في محكمة لاهاي، قد انتهى اليوم بيد متهم بالاتجار الدولي في المخدرات..
نفس السيناريو تقريبا جرى بفريق آخر ..
والسيناريو هنا مأساوي هو بدوره ومكلف لسمعة الوطن..
بل إننا انتقلنا، والحالة هذه، من بروفايلات بصمت تاريخ الفريق بأخلاقها وبسموها إلى أسماء بلا تاريخ وبلا ماض وبلا ذرة من أخلاق..
وسامح الله السيد عزيز أخنوش الذي تخلص من أولاد الناس ومن بنات الناس و”بارك” “العبث” على رأس مسؤوليات ومناصب ذات حساسية خاصة..
جرى هذا ضد الخطب الملكية وضد التعليمات الملكية الداعية إلى التخليق وإلى الحكامة وإلى مدونة أخلاقيات ملزمة..
طبعا لست في حاجة إلى التذكير أيضا بأن المؤسسات المختصة ومعها الأحزاب السياسة تتحمل مسؤولية هذا “العبث” الضار بالبلد..
لماذا؟
لأن ثمة تسامحا غير مفهوم مع هذا الذي يجري على أكثر من مستوى..
ورأيي أن تولي المنصب والمسؤلية ينبغي أن يمر بالضرورة عبر مسطرة خاصة وبشروط خاصة مع صرامة خاصة وتقارير أمنية خاصة..
ولعل أقل هذه الشروط هي سجل عدلي نظيف وشهادة من مصحة نفسية بعد شروط أخرى علمية وأكاديمية وتربوية..
وأنا أقول بهذا حتى لا يتسرب أصحاب السوابق ومعهم بعض الحمقى والمجانين إلى المؤسسات الدستورية وغير الدستورية..
وقد حصل ربما ما يشبه هذا بالفعل أكثر من مرة..
بل إننا شاهدنا كيف جلس “البعض” من هؤلاء، بلا حياء وبلا خجل، خلف ملك البلاد شخصيا لأداء الصلاة في مناسبة دينية يحييها جلالته كل عام..