الخبر من زاوية أخرى

الانتخابات المحلية في تركيا.. انهزم اردوغان وفازت الديمقراطية في البلد

الانتخابات المحلية في تركيا.. انهزم اردوغان وفازت الديمقراطية في البلد
مصطفى الفنمصطفى الفن

تلقى حزب “العدالة والتنمية” التركي بزعامة الطيب رجب أردوغان “سلخة” موجعة في الانتخابات المحلية التي جرت أمس الأحد..

وعرفت هذه المحطة الانتخابية فوز حزب الشعب الجمهوري الذي لم يكتف، فقط، بالحفاظ على محافظاته ومدنه الكبرى مثل اسطمبول وأنقرة..

بل إن الحزب المعارض فاز حتى بولايات وبمدن أخرى كانت، في الأصل، قلاعا انتخابية للحزب “الإسلامي” الحاكم في البلاد.

وإذا كانت نتائج هذا الاستحقاق الانتخابي لم تفاجئ العارفين بخبايا التجربة التركية فإن الذي فاجأ الجميع هو أن حزب الشعب الجمهوري حقق انتصارا له طعم “الاكتساح”..

طبعا من الصعب أن نحصر أسباب هذه “الخسارة” المدوية التي لحقت بالإسلاميين الأتراك الذين ظلوا ولازالوا يحكمون هذا البلد منذ أكثر من عقدين من الزمن..

وتوزعت هذه الأسباب بين من أرجع سبب الخسارة إلى عجز أردوغان ومن معه عن إبداع الحلول لأزمة اقتصادية شاملة دخلتها البلاد خلال السنوات الأخيرة..

وبين من أرجع السبب إلى “ترهل” حزب سياسي و”تآكل” كتلة ناخبة كانت تصوت له بدافع سياسي في المقام الأول قبل أن تشعر ببعض اليأس لأن الواقع عنيد ولا يرتفع..

وحتى أردوغان، الذي كثيرا ما كان يخطف الأضواء بكاريزميته وبتصريحاته سواء في “مواجهة” الغرب أو في “مواجهة” إسراااائييل، سرعان ما تحولت تصريحاته إلى مجرد كلمات بلا روح..

حصل هذا تحديدا عقب واقعة 7 أكتوبر الذي انقسم فيه العالم بأسره إلى قسمين:

إما أن تكون مع “الإبادة الجماعية” لأهل غزة ولأهل فلسطييييين وإما أنت مع “الإإإرهاااااب”..

ورغم ذلك، وسواء فاز حزب أردوغان أو فاز حزب الشعب الجمهوري المعارض لأردوغان، فإن الذي فاز، حقيقة، هو تركيا وهو الديمقراطية التركية وهو الحياة السياسية في بلاد أتاتورك..

كما أن هذا كله لا ينبغي أن ينسينا حقيقة ميدانية لا تخطئها عين المحلل الرصين والمحايد وهي أن الذي فاز أيضا في هذه الانتخابات المحلية هو أردوغان وحزبه وليس غيرهما.

لماذا؟

لأن هذا الأردوغان “الديكتاتور”، كما يصفه خصومه، أبان ربما عن “حس ديمقراطي” عال عندما احترم إرادة الناخب التركي في اختيار ممثليه..

وعندما لم يزور نتيجة هذا الاقتراع ..

وعندما لم يختطف صناديق الاقتراع ليلا..

وعندما لم ينجز رفقة ابنه 23 دراسة في 23 يوما لعله يسقط الحكومة بملتمس رقابة هو نفسه يحتاج إلى رقيب..

وعندما وفر كل الشروط المناسبة ليجري هذا الاستحقاق الانتخابي في أجواء شفافة لم يطعن فيه ربما حتى الأعداء.

نعم كان بإمكان أردوغان أن يفعل كل ذلك في محطة انتخابية هو من يشرف على تنظيمها سياسيا وإداريًا وقانونيا..

بل كان بإمكان أردوغان أن يتصرف كأي “ديكتاتور” ليفرض نفسه ومرشحيه على الأتراك أجمعين بالقوة وبالحديد وبالنار..

وأكيد سوف لن يعدم التبريرات الجاهزة.

لكن الرجل لم “يفعلها” واختار التي هي أقوم..

والتي هي أقوم هي الانتصار لصناديق الاقتراع وللديمقراطية ولصوت الشعب التركي ولتركيا أولا.

وهذه وحدها تحسب للرجل الذي يبدو أنه في سباق “جدي” مع الزمن..

أما الهدف فهو منافسة الراحل مصطفى كمال أتاترك على “الزعامة الروحية” لدولة تستعد لتكون ضمن “الدول العشر العظمى” في العالم.