موتمر البام.. هل تستحق القيادة الثلاثية الجديدة تهنئة ملكية؟
كم من أمين عام مر من كرسي “الرئاسة” بحزب الأصالة والمعاصرة في أقل من 15 عاما؟
إنهم كثيرون..
وقد وصل ربما العدد إلى أكثر من عشرة أمناء عامين إذا ما أضفنا “الخل على الخميرة” وأدرجنا في اللائحة حتى هذه القيادة الثلاثية الجديدة..
طبعا أنا أتحدث هنا عن الأمناء العامين المعلنين..
أقول هذا ولو أن البعض كان مجرد أمين عام شكلي وغالبا ما كان يقرأ، بلاغات المكتب السياسي الصادرة باسمه، مثله مثل أي قارئ أو مواطن عادي..
ولا أعتقد أن هذا العدد الكبير من الأمناء العامين هو مؤشر على وجود مشهد سياسي صحي وسليم أو مؤشر على وجود شفافية وديمقراطية..
وسامح الله تلك التي تحدثت عن “عرس ديمقراطي” ولو بلا عرسان ومن فوق جثة حزب ومن فوق جثة مؤتمر وطني..
وفعلا إن الأمر كان ربما أشبه بمأساة حقيقية وبأبعاد شتى خدشت صورة الوطن وخدشت سمعة الوطن أيضا..
إذ أن الحزب رقم 2 في المغرب “اختار” قيادة بلا انتخابات وبلا ناخبين وبلا صناديق اقتراع وبلا منافسين وبلا أي رقم حول الأصوات والمصوتين وعدد الأصوات..
ورأيي أن هذا “الطابور” الطويل من الأمناء العامين هو مؤشر ربما على بعض “الحيرة” التي قد تكون أصابت العقل السياسي لتلك الجهة التي رعت ولادة البام..
لماذا؟
لأن معظم الأحزاب التي خرجت من معطف السلطة أو تأسست بإرادة منها غالبا ما كانت تحافظ على بعض الاستقرار داخل أجهزتها القيادية..
وهذا ربما هو عين العقل لأن استقرار أحزاب السلطة يبعث رسالة مطمئنة باعتبارها امتدادا عضويا للاستقرار المؤسساتي للبلد بكامله..
كما أن الاستقرار هو سمة لازمة للمملكة اللهم إلا إذا كان البام أكبر من حزب وأقل من دولة أو “بنية موازية للدولة”، بتعبير حسن أوريد..
أو دعوني أقول بصيغة أخرى: اللهم إلا إذا كان البام يريد أن يجعل من “الفوضى” مجرد “أكاديمية” يتعلم فيها “أثرياء” الحزب طرق الإفلات من العقاب..
ولست أدري ما إذا كانت القيادة الجديدة للبام تستحق التهنئة الملكية بعد كل هذا الذي جرى وبعد كل هذا “المسخ” الذي أفرزه المؤتمر الوطني الأخير للحزب؟
أطرح هذا السؤال لأن ما جرى كان بحق مجزرة للأصالة ومجزرة للمعاصرة ومجزرة للحداثة وربما مجزرة لكل شيء جميل في هذا الوطن..
وقع كل هذا الانفلات في حزب هو أيضا الحزب الثاني في هذا التحالف الذي يقود حكومة المغرب..
بل لقد وقع كل هذا الانفلات بالتزامن مع الرسالة الملكية الأخيرة الموجهة إلى البرلمان، والتي دعا فيها جلالته إلى مزيد من التجويد وإلى تخليق الحياة السياسية بالبلد.