الخبر من زاوية أخرى

بنسعيد أيت إيدر.. رحيل آخر المقاومين

بنسعيد أيت إيدر.. رحيل آخر المقاومين
مصطفى الفنمصطفى الفن

رحل، اليوم إلى دار البقاء، محمد بنسعيد أيت إيدر، عن سن قارب ال100 عام..

بنسعيد أيت إيدر، الذي وافته المنية بالمستشفى العسكري بالرباط، هو واحد من قادة الحركة الوطنية المغربية الذين حملوا السلاح في وجه المستعمر الفرنسي..

وحتى عندما حصل المغرب على استقلاله سنة 56، فقد تحول بنسعيد أيت إيدر إلى معارض “شرس” إلى نظام الراحل الحسن الثاني..

حصل هذا لأن بنسعيد أيت إيدر كان ربما ضد وضع السلاح وضد حل جيش التحرير وإلحاقه بالجيش المغربي طالما أن بعض الأجزاء من البلد لازالت لم تحرر بعد..

وقد كانت، لهذا الخيار، تكلفة باهظة اضطر معها بنسعيد أيت إيدر إلى “اختيار” المنفى خاصة بعد أن اشتدت المواجهة مع أجهزة الدولة وأيضا بعد حكم بالإعدام كان له ما بعده..

وقد ظل بنسعيد أيت إيدر وفيا لنفسه الثوري ولخط المقاومة من منفاه “الاختياري” رفقة العديد من “ثوار” تلك الحقبة السياسية لأكثر من عقدين من الزمن..

لكن في بداية الثمانينيات، سيعود بنسعيد أيت إيدر إلى أرض الوطن برؤية أخرى تنتصر للعمل السياسي القانوني والسلمي والشرعي ومن داخل مؤسسات البلد وليس من خارجها..

وفعلا فقد أسس بنسعيد أيت إيدر، فيما بعد، حزبا سياسيا حمل اسم منظمة العمل الديمقراطي الشعبي لكي يكون بمثابة غطاء سياسي ليسار جديد لازال وقتها لم يحظ، بعد، بثقة الدولة..

بل إن بنسعيد أيت إيدر سيترشح باسم هذا الحزب عن دائرة اشتوكة أيت باها..

وسيكون أيضا أول من يفجر قضية السجن السري المعروف ب”تازممارت” من داخل قبة البرلمان..

كما يحسب لبنسعيد أيت إيدر أيضا أنه لعب الكثير من الأدوار السياسية في أكثر من قضية..

وحصل هذا نظرا لما كان يحظى به الرجل من تقدير ومن احترام لدى الخصوم قبل الأصدقاء وربما حتى لدى جهات عليا في البلد..

آخر هذه القضايا، التي أجرى فيها بنسعيد أيت إيدر بعض الخطوات، هي تلك التي همت إمكانية طلب العفو الملكي على معتقلي الريف..

غير أن هذه الخطوات لم تكتمل لأسباب قد لا يكون من المناسب أن نخوض فيها الآن..

في كل الأحوال، تبقى وفاة بنسعيد أيت إيدر حدثا حزينا وربما حدثا غير عادي في مشهد سياسي ووطني هو أيضا غير عادي ربما..

لماذا؟

بكل بساطة لأن بوفاة بنسعيد أيت إيدر نكاد نطوي، وإلى غير رجعة، صفحة جيل قد لا يتكرر من الزعماء ومن السياسيين ومن الوطنيين الذين كانوا مستعدين للموت لكي يحيا الوطن..

رحم الله الفقيد ولله ما أعطى ولله ما أخذ.. وإنا لله وإنا إليه راجعون.