دفاعا عن لغة “الضاد” في يومها العالمي
يحسب للمغرب، ومعه ربما المملكة العربية السعودية، أنه البلد الذي كان سببا في القرار الأممي الذي جعل من ال18 من دجنبر يوما عالميا للاحتفال باللغة العربية..
لكن هذه المبادرة المشرقة من الماضي ينبغي أن تظل سارية الروح والمفعول في حاضر الوطن..
لماذا؟
لأنه من غير المعقول أن تظل لغة الضاد “مضطهدة” في وطنها وفي مؤسسات الوطن وفي إدارات الوطن..
ومن غير المعقول أن تظل لغة الضاد “معزولة” و”مهمشة” وسط أهلها ومن طرف أهلها كما لو أن الأمر “مقصود” ومنهجي”..
كما أننا لا نفهم كيف أن كل “المجهودات” الجدية، التي تبذل من أجل إعادة الاعتبار للغة العربية، سرعان ما تتحطم على صخرة واقع عنيد ومعه “حزب فرنسا” في المغرب..
وحتى أقربكم من بعض المفارقات، دعوني أتحدث عن هذا “التشوه” اللغوي والهوياتي في أكبر مدينة بالمغرب:
الدار البيضاء.
لقد أتى حين من الدهر على هذه المدينة حتى أصبح كل شيء فيها بلا ملامح تذكرنا بمن نحن..
وفعلا فهناك اليوم مناطق وأحياء وشوارع وأزقة بكاملها تبدو كما لو أنها امتداد للتراب الفرنسي..
نعم إن الأمر بهذا “القبح”..
إذ لا شيء يربط ربما هذه المدينة بالمغرب وبجذور المغرب وبتراب المغرب..
ولا بالثقافة المغربية..
ولا بالهوية المغربية..
ولا بالتقاليد المغربية..
ولا بتاريخ المغرب..
ولا بجغرافية المغرب..
وأنا هنا لا أبالغ..
لأنه إذا ما استثنينا حي الأحباس فإن ما تبقى من الأحياء ومن الشوارع ومن الأزقة الراقية لا تشبهنا في أي شيء..
وحتى حي الأحباس أو “الحبوس”، الذي أقيم فوق أرض “منحها” يهودي مغربي للمسلمين، لم يشيده المسؤولون المغاربة..
ذلك أن هذا الحي المغربي، الأصيل والجميل في هندسته وفي معماره، شيده أوبير اليوطي أول مقيم عام فرنسي في عهد الحماية والاستعمار..
وكم هو صادم ومضبب للرؤية أو بالأحرى حاجب للرؤية أن نرى، في هذه المدينة، أسماء أحياء..
وأسماء شوارع..
وأسماء أزقة..
وأسماء محلات تجارية..
وأسماء أسواق ممتازة..
وأسماء مقاهي..
وأسماء مطاعم ولوحات إشهارية..
وأسماء مدارس..
وأسماء مؤسسات عمومية وأخرى غير عمومية..
كلها مكتوبة بالفرنسية ولا شيء غير الفرنسية..
ولن أتحدث عن عقيلة رئيسنا في الحكومة لأنها فضلت أن تطلق على سوقها التجاري الكبير والذي حجب عنا رؤية البحر بكامله اسما باللغة الإنجليزية:
“موركو مول”..
وحده المركز الثقافي الفرنسي بهذه المدينة المغربية العملاقة الذي احترم الدستور المغربي وكتب اسمه باللغتين العربية والأمازيغية على واجهة المركز..
كل هذه المشاهد الممزقة للروح الجماعية والماسة بالحس الوطني والقومي وبالهوية الجماعية للمغاربة لا توجد في أي بلد في العالم يريد الانعتاق والتحرر من ربقة التبعية..
كما أن هذا “المسخ” حصل في مدينة سيرها، وشارك في تسييرها لعقود، حزب “إسلامي” ومدافع “شرس” عن اللغة العربية..
أما ثالثة الأثافي فهي أننا البلد الوحيد ربما في العالم الذي “نسي” مسؤولا على رأس التلفزيون الرسمي للبلد لأكثر من عقدين من الزمن..
نعم “نسيناه” على رأس التلفزيون الرسمي للبلد لأكثر من عقدين من الزمن، رغم أن هذا المسؤول لا يعرف إلا اللغة الفرنسية ولا يعرف ولو كلمة واحدة من اللغة الرسمية لبلده المغرب.