الحرب على مظاهر “الترييف” بالدار البيضاء.. حذار من “الحكرة” و”الانتقائية”
جيد جدا أن نحارب مظاهر “الترييف” ومظاهر “البؤس” في أكبر مدينة بالمغرب..
وجيد جدا أن نعلن الحرب على كل ما هو عشوائي وعلى كل ما هو بشع..
وبالطبع علينا ألا ننسى أن هذه العشوائية وهذه البشاعة هي في الأصل منتوج خالص لنخب كثيرة معينة ومنتخبة تعاقبت على إدارة الشأن المحلي بهذه المدينة العملاقة..
كما أنه من الجيد جدا أن ندفع في اتجاه أن تلتحق الدار البيضاء بركب المدن العالمية الكبرى:
مدينة نظيفة وحديثة وتنتمي إلى عصرها ومحركة لاقتصاد البلد..
بل وأيضا مدينة قادرة على أن تكون مركز جذب لرؤوس الأموال وللاستثمار ولفرص الشغل..
لكن نقطة الانطلاقة في هذه المعركة ضد “البشاعة” وضد “الترييف” وضد “العشوائية” وضد “البؤس” لا ينبغي أن تكون من سوق “لقريعة” ولا من بعض الاحياء الفقيرة والمهمشة باسباتة وحي مولاي رشيد والحي المحمدي وعين السبع..
لا..
نقطة الانطلاقة في هذه المعركة ينبغي أن تبدأ أولا بتسريع وتيرة طرح البدائل ومعه وتيرة تسريع إنجاز المشاريع الكبرى التي لازالت لم تر النور بعد..
وبين هذه المشاريع الكبرى، توجد مشاريع ملكية لازالت تتعثر ولازالت تسير ببطء..
وقع كل هذا رغم أن هذه المشاريع أطلقها ملك البلاد شخصيا وخصصت لها ميزانيات مالية ضخمة من المال العام..
بل وقع كل هذا دون أن يحاسب أي مسؤول من مسؤولي المدينة على هذا التعثر وعلى هذا التأخر في الإنجاز رغم وجود مقتضى دستوري يربط المسؤولية بالمحاسبة..
ثم إن الحرب على مظاهر الترييف والبشاعة والعشوائي والبؤس ينبغي ألا تستثني فنادق ومقاهي ومحلات تجارية مملوكة لأسماء معروفة ووازنة بالعديد من الأحياء والشوارع الراقية..
وأذكر على سبيل المثال لا الحصر أبناء الراحل ميلود الشعبي الذين أغلقوا، بكيفية عشوائية، زنقة بكاملها وجعلوا منها موقف سيارات خاصا بفندق العائلة..
ولا تقف الأمور عند هذا الحد، فحتى بعض نواب العمدة ينبغي أن تطالهم يد المساءلة لأنهم شيدوا، بكيفية عشوائية، مطاعم ومقاهي فوق الملك العام..
كما أن بعض المقاولين جعلوا من بعض الفضاءات العمومية مستودعات خاصة بعتاد وبآليات شركاتهم الخاصة وربما بعلم من يهمهم الأمر..
بقي فقط أن أقول:
كلنا مع الإصلاح السلس والمتدرج ومع مقاربة تشرك الجميع بمن فيهم الفقراء المتضررون من هذه الحرب على مظاهر الترييف..
لكن “الحكرة” و”الانتقائية” والمبالغة في محاربة الفقراء عوض محاربة الفقر قد لا تقود ربما إلى بر النجاة بقدرما تعمق الاحتقان والتوتر والاستياء وسط الفئات الهشة..
وقد أذهب أبعد من ذلك لأقول أيضا إن المبالغة في محاربة الفقراء بلا طرح بدائل معقولة قد تعيد ربما حتى “شبح” احتجاجات كبرى عاشتها هذه المدينة في تاريخها الحديث.