قضية العدوان على غزة.. لماذا هذا الصمت؟
في المغرب، ثمة “تقريبا” إجماع على إدانة الأعمال الوحشية والجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبتها إس.ر.ئي.ل، بعدوانية غير مسبوقة، في حق أهل غزة ونساء غزة وأطفال غزة..
وفعلا فقد أدان بلدنا، بملكه وبمؤسساته وبشعبه وبأحزابه وبنقاباته وببرلمانه وبكل قواه الحية، هذا العدوان “الإس.را.ئي.لي” الذي طال الأرض والحرث والنسل بتأييد أمريكي وأوربي صريح..
وحدها الطائفة اليهودية بالمغرب التي لم نسمع لها إلى حد الآن ركزا ولا صوتا في هذا المصاب الجلل الذي جرت وقائعه الدموية و”الدا.ع.ش.ية” داخل مستشفى المعمداني بأرض غزة..
شخصيا لم أفهم دواعي هذا الصمت..
أقول هذا ولو أن الحقيقة المرة هي أن اليهود المغاربة لم يسبق لهم أن أدانوا العدوان “الإ.س.رائي.لي” في أي مناسبة من المناسبات كما لو أن الدم الفلسطيني رخيص ولا لون له.
المرة الوحيدة التي نزل فيها اليهود المغاربة إلى الشارع ترجع إلى سنة 2003..
وأقصد هنا عندما شاركوا في مسيرة احتجاجية ضد التفجيرات الإرهابية التي نفذها مسلمون متطرفون وإرهابيون في الدار البيضاء.
نعم، المغاربة بجميع أطيافهم، باستثناء اليهود، أدانوا وشجبوا هذا العدوان “الإس.را.ئي.لي” الذي استهدف المدنيين العزّل في مستشفى المعمداني بغزة .
وظني أن هذا الصمت للطائفة اليهودية المغربية إزاء ما يجري حاليا في غزة يدعو ربما إلى التساؤل حول طبيعة العلاقة لبعض رموز هذه الطائفة مع الدولة العبرية.
ونحن هنا لا نشكّك في ولاء أو مغربية أي مواطن من مواطنينا..
ولكن نريد فقط أن نذكر بأن الانتماء إلى الوطن هو الأصل ليستمر مكسب العيش المشترك بين أبناء البلد الواحد..
ثم إن هذا المكسب الهام ينبغي أن يظل ممتدا في الزمان وفي المكان لأن الدين لله والوطن للجميع مهما اختلفت وتباينت المعتقدات والأديان والتوجهات.
صحيح أن بعض الرموز اليهودية المغربية، المعروفة بمواقفها الرافضة لعدوان الدولة العبرية، كانت دائما تخرج إلى العلن لتعبر بوضوح عن تضامنها مع الفلسطينيين في محنتهم سواء في غزة أو في خارج غزة..
ونشير هنا بالتحديد الى الراحل شمعون ليفي وعمران لمليح وسيون أسيدون، الذيم لم يكونوا يترددون في إدانة العدوان الإس.را.ئي.لي..
وفي أمريكا أيضا، كثيرا ما عبّرت جماعات يهودية عن إدانتها الشديدة للهجمات الإس.را.ئي.لية ضد الفلسطينيين وضد قطاع غزة.
بل إن أصواتا يهودية أخرى لطالما رأت في أفعال إس.رائ.يل انتهاكا للقانون الدولي وللشريعة اليهودية على حد سواء.
وحدها الطائفة اليهودية المغربية التي خرجت ربما عن هذا “الإجماع الوطني” ولم تساير هذا التوجه المندد بالسياسة الإسرائيلية ولم يصدر عنها أي موقف في هذا الاتجاه.
وهذا الصمت عن مجازر العدوان “الإ.س.را.ئي.لي” ضد غزة فيه ربما حتى بعض الإساءة إلى الديانة اليهودية نفسها.
وقد أقول أيضا إن هذا الصمت يطرح ربما حتى مشكلا أخلاقيا..
لماذا؟
لأنه قد يعطي المبرر لطرح بعض الأسئلة حول فرضية ما يشبه التماهي مع مواقف الدولة العبرية في قضايا وانتهاكات يجرمها القانون الدولي..
أو دعوني أقول بصيغة أخرى:
لا شيء يبرر الصمت..
ولا شيء يفرض أن تظل بعض المساحات فارغة لأنها قد تسمح بعودة الشك.
بل المطلوب أن نتكلم جميعا كمغاربة لأن “إس.را.ئي.ل” ليست خطرا على الفلسطينيين أو على العرب أو المسلمين أو على الأمازيع أو على من لا دين لهم فقط..
“إس.را.ئي.ل” هي ربما خطر حتى على اليهود وعلى اليهودية أيضا.