ملاحظات حول حكم قضائي “عجائبي”
قرأت الحكم الابتدائي “العجائبي” الذي أصدرته المحكمة الزجرية بعين السبع في قضية قتل “غير عمدي” جرت وقائعها قبل خمس سنوات بشاطئ النحلة..
وأقصد هنا القضية التي أزهقت فيه “روح عزيزة عند الله” من طرف “ولد لفشوش” المعروف ب”أشرف الصديقي”، الذي قتل، مرة أخرى “عمدا” نهاية الأسبوع المنصرم، دكتورا شابا اسمه بدر..
وفعلا وأنت تقرأ هذا الحكم ينتابك إحساس بأن “شيئا ما ينقص” في هذه الحادثة التي أودت بحياة إنسان هو كل شيء في حياة أسرته..
بل يمكن القول أيضا إن هذا الحكم، الذي صدر باسم الملك، فيه ربما كل شيء، إلا “الجدية” بالمعنى الذي تضمنه خطاب العرش الأخير..
شخصيا، أول ملاحظة سجلتها في هذا المنحى هي السرعة التي كانت تسير بها سيارة الجاني..
وأذكر هنا أن الحكم جاء فيه، استنادا إلى محضر الأمن، أن هذه السرعة كانت بين 50 و60 كلم في الساعة..
وهو ما يدعو ربما إلى الشك والحذر خاصة عندما يقول الجاني نفسه إنه لم يتمكن من التحكم في السيارة..
ومبعث الشك هنا أن السيارة التي تسير بسرعة 50 كلم في الساعة يمكن ربما التحكم فيها وليس العكس..
ورأيي أنه كان المفروض، على الأقل، تعميق البحث في هذه النازلة لأن شابا طائشًا و”ربما” بميولات “عبدة الشيطان” ويقود سيارة فارهة ومن نوع “بورش”، من الصعب أن يسير بسرعة 50 كلم في الساعة..
أما ثاني الملاحظات فهي أن المتهم رفض حتى مجرد حضور جلسة الحكم وبدون أي عذر مقبول رغم أنه توصل شخصيا بالاستدعاء وبتاريخ الجلسة..
الملاحظة الثالثة هي قيمة الغرامة المالية والتي لم تتجاوز 7500 درهم كما لو أن “القتيل” مجرد ذبابة وليس بشرا نزل فيه هذا التكريم الإلهي:
“ولقد كرمنا بني آدم”..
الملاحظة الرابعة هي تلك التي تتعلق بما يشبه “ربما” ذلك “التعاطف البين” الذي كتبت به لغة الحكم..
الحكم تحدث عن الظروف الاجتماعية للمتهم لكنه لم يذكر هذه الظروف ولم يفصل فيها واكتفى بالإشارة إلى كونه طالبا ومن مواليد 97..
والحقيقة أن الذي يتحرك على سيارة فارهة ومن نوع “بورش” وهو لازال مجرد طالب و”قاتل روح”، فهذا ظرف تشديد وليس ظرف تخفيف..
بقي فقط أن أتساءل:
هل استأنفت النيابة العامة، وقتها، هذا الحكم “المخفف” حتى لا أقول “المشجع” على مزيد من “القتل”؟
لا أعرف..
وأنا أنا أختم هذه التدوينة، أرى من اللازم أن أذكر بأن ثمة فرقا شاسعا بين انتقاد مقرر قضائي وبين تحقيره..
التحقير هو عدم الامتثال للحكم.. أما انتقاد مقرر قضائي فهو مطلوب وصحي داخل منظومة للعدالة لا تتردد في مواجهة أعطابها.