الخبر من زاوية أخرى

لماذا “تتردد” إسرائيل في الاعتراف بمغربية الصحراء؟

لماذا “تتردد” إسرائيل في الاعتراف بمغربية الصحراء؟
مصطفى الفنمصطفى الفن

بالتزامن مع وصوله إلى المغرب، نشر أمير أوحنا، رئيس الكنيست الإسرائيلي، أمس الأربعاء، مقالة قال فيها ربما كل شيء إلا “الحقيقة”..

و”الحقيقة” هي أن إسرائيل لازالت “مترددة” ولازالت لم تحسم بعد في “الموقف النهائي” من السيادة المغربية على أقاليمه الجنوبية بالصحراء..

وحتى أسباب هذا “التردد” لازالت غير معروفة رغم أننا نقترب من السنة الثالثة على توقيع اتفاقية السلام بين المغرب وإسرائيل..

شخصيا، لم أفهم كيف خلت مقالة المسؤول الإسرائيلي من السياسة ومن المواقف السياسية..

وكيف خلت من الإشارة إلى السيادة المغربية على الصحراء..

وكيف خلت من الإشارة إلى مجهودات الملك محمد السادس كرئيس لجنة القدس في مجال الإعمار وفي مجال دعم المقدسيين..

وفضلت هذه المقالة الغوص في كلام عاطفي ورومانسي لا يقدم ولا يؤخر..

والواقع أن المغرب لا يريد حديثا في “النوستالجيا”..

بل يريد حقائق على الأرض ويريد شريكا بقلب واحد لا “شريكا” بقلوب شتى وكل همه هو أن يأخذ كل شيء دون أن يعطي أي شيء..

وفعلا، فإسرائيل تريد ربما الأرض، وتريد السلام، وتريد القدس الشرقية، وتريد القدس الغربية، وتريد الزبدة، وتريد ثمن الزبدة، وتريد “لافوكا” وتريد “ثمن لافوكا” ثم تقول هل من مزيد؟..

يحصل كل هذا رغم أن إعلان الاتفاق الثلاثي الذي رعته أمريكا في عهد ترامب ربط التقدم في مسار السلام مع إسرائيل بقضية الصحراء..

وحتى عندما خرج المسؤول الإسرائيلي اليوم بتصريحات حول مغربية الصحراء فقد بدا واضحا أن هذا الموقف الذي عبر عنه أمير أوحنا هو ربما موقف شخص يهودي الديانة من أصول مغربية وليس موقف مؤسسة اسمها “الكنيست” أو موقف دولة اسمها “إسرائيل”..

ومع ذلك، دعونا ننظر إلى نصف الكأس المملوء في تصريحات المسؤول الإسرائيلي أمير أوحنا..

ذلك أن أوحنا لم يكتف بالقول إن الصحراء مغربية وإن هناك حديثا جديا داخل الحكومة الإسرائيلية حول إمكانية الاعتراف الإسرائيلي بالسيادة المغربية على الصحراء..

بل إن المسؤول الإسرائيلي دعا، من العاصمة الرباط، الحكومة الإسرائيلية إلى أن تعترف بمغربية الصحراء..

وهذا الموقف، حتى وإن كان غير كاف، إلا أنه يبقى موقفا له رمزيته الخاصة التي ينبغي أن تؤخذ بعين الاعتبار في العلاقة مع دولة نووية مثل إسرائيل..

كما علينا ألا ننسى أيضا حجم المجهودات التي بذلتها أطراف مغربية لدفع هذا المسؤول الإسرائيلي لكي يخرج بهذه التصريحات الداعمة لمغربية الصحراء..

وفعلا فقد رفعت أطراف مغربية السقف عاليا خلال مباحثات غير معلنة مع المسؤول الإسرائيلي أمير أوحنا..

وجاء في بعض التفاصيل أن المسؤولين المغاربة “تشبثوا” بتصريح سياسي فيه موقف واضح لا يختلف عن موقف دونالد ترامب من مغربية الصحراء..

غير أن المسؤول الإسرائيلي “تحفظ” وربما “فوجئ” بهذا الطلب قبل أن يرد في البداية أنه يفضل أن يدلي بتصريح سياسي يشبه الموقف الإسباني..

لكن النقاش اتخذ أبعادا متعددة ليرسو في نهاية المطاف على هذا الذي اعتبره البعض “أضعف الأيمان”..

بقي فقط أن أذكر بأن الصحراء هي النظارة التي يرى بها المغرب مصالحه وشركاءه، فما الداعي إذن إلى هذا “التردد” في ملف تعرف إسرائيل مدى حساسيته لدى المغاربة أجمعين؟