الخبر من زاوية أخرى

انتخابات تركيا.. من هو الفائز الحقيقي؟

انتخابات تركيا.. من هو الفائز الحقيقي؟
مصطفى الفنمصطفى الفن

ما هي الملاحظات التي يمكن رصدها في هذه المحطة الانتخابية البرلمانية والرئاسية التي جرت أمس في تركيا؟

صحيح أن أردوغان، وحزبه، تصدر هذه الانتخابات بأغلبية مطلقة في الانتخابات البرلمانية وبدون أغلبية مطلقة في الانتخابات الرئاسية..

لكن تبقى أولى هذه الملاحظات التي يمكن رصدها وهي أن شعبية السلطان العثماني الجديد رجب الطيب أردوغان، وربما حتى شعبية حزبه، عرفت بعض “التآكل” الواضح ولم تعد في صعود مطرد..

ويكفي أن نذكر في هذا المنحى أن هذا ربما هو أول استحقاق انتخابي رئاسي “سيحتاج” فيه أردوغان إلى جولة ثانية في سباق “الفوز” بكرسي الرئاسة في بلاد تخترقها أزمة اقتصادية كبيرة فاق معها التضخم كل التوقعات..

كما أن الكتلة الناخبة، في أكبر مدينة في تركيا أو مدينة الزحام إسطنبول ومعها حتى العاصمة أنقرة، فقد اختارت أن تعطي أصواتها لخصم سياسي شرس ومنافس قوي عوض أن تعطيها لأردوغان..

وهذا معناه أن المدينتين معا، وما لهما من أبعاد ومعان رمزية، صوتتا على مرشح حزب الشعب الجمهوري أو مرشح تحالف الشعب الجمهوري كمال ليجدار أوغلو ولم تصوتا على أردوغان الذي، تحول في نظر خصومه من الشرق والغرب، إلى “ديكتاتور حقيقي”..

صحيح أن فارق الأصوات بين المرشحين الإثنين في هاتين المدينتينليس كبيرا لكنه فارق دال وربما “محطم” للكبرياء وللنفس على المستوى الرمزي..

ومع ذلك، سواء فاز أردوغان أو فاز منافسه كليجدار أوغلو في الجولة الثانية من الرئاسيات المرتقبة في ال28 من ماي الجاري، فإن الذي فاز، حقيقة، هو تركيا وهو الديمقراطية التركية..

كما أن هذا كله لا ينبغي أن ينسينا حقيقة ميدانية لا تخطئها عين المحلل الرصين والمحايد وهي أن الذي فاز في هذه الانتخابات أيضا هو أردوغان وحزبه وليس غيرهما.

لماذا؟

لأن هذا الأردوغان “الديكتاتور” أبان ربما عن “حس ديمقراطي” عال عندما احترم إرادة الناخب التركي في اختيار ممثليه..

وعندما لم يزور نتيجة هذا الاقتراع بشقيه الرئاسي والبرلماني..

وعندما لم يسرق صناديق الاقتراع..

وعندما لم يحدث “لجنة خاصة” ليمدد لنفسه ستة أشهر أو سنتين أو خمس سنوات أخرى..

وعندما وفر كل الشروط المناسبة ليجري هذا الاستحقاق الانتخابي في أجواء شفافة لم يطعن فيه ربما حتى الأعداء.

نعم، كان بإمكان أردوغان أن يفعل كل ذلك في محطة انتخابية هو من يشرف على تنظيمها..

بل كان بإمكانه أن يتصرف كأي “ديكتاتور” ليفرض نفسه ومرشحيه على الأتراك أجمعين بالقوة وبالحديد وبالنار..

وأكيد سوف لن يعدم التبريرات الجاهزة.

لكن الرجل لم “يفعلها” واختار التي هي أقوم وهي الانتصار لصناديق الاقتراع وللديمقراطية ولصوت الشعب ولتركيا أولا.

وهذه وحدها تحسب للرجل الذي يبدو أنه في سباق مع الزمن لمنافسة الراحل مصطفى كمال أتاترك على “الزعامة الروحية” لهذه الدولة التي دخلت أو تستعد للدخول لنادي “الدول العشر العظمى” في العالم من بابه الواسع.