انتخابات الصحافيين.. لماذا لا نسند هذه المهمة إلى وزارة الداخلية؟
ليس صحيحا أن مشروع القانون، الخاص بإحداث لجنة “مؤقتة” لتسيير شؤون الصحافة والنشر، مر في أجواء عادية بأروقة الحكومة..
المشروع كان ربما محط “خلافات” كثيرة وكان محط “اعتراضات” كثيرة بين أكثر من جهة داخل الحكومة نفسها..
بل إن هذا المشروع أحدث ربما حتى بعض “الخلافات” داخل الأحزاب المكونة للتحالف الحكومية وداخل حتى أحزاب المعارضة..
حصل هذا لأن هناك من اشتغل لوحده ولم يستشر حتى من يفترض أن يستشيرهم في قطاع استراتيجي فيه الكثير من الألغام..
بل إن هذه الألغام قد تنفجر في أي وقت لتسقط رؤوسا يخيل إليها أنها لن تسقط أبدا..
ولم تقف الأمور عند هذا الحد، ذلك أن “الخلافات” وصلت إلى درجة أن هناك من “نصح” رئيس الحكومة “جديا” بضرورة وقف هذا “الانحراف” الخاص بمشروع إحداث هذه اللجنة..
لأن المتضرر، من لجنة سقطت سلطتها الأخلاقية والمعنوية والدستورية والقانونية، هو صورة الوطن أولا..
أما المستفيد من “الجريمة” فهو المنظمات الحقوقية الدولية..
وهو البرلمان الأوربي..
وهو جزء من الصحافة الأجنبية..
وهو الخارجية الأمريكية..
وهو “هيومن رايتس ووتش”..
وهو منظمة العفو الدولية..
وهو مراسلون بلا حدود..
وهو بوليساريو الداخل والخارج..
وهو أعداء المملكة..
وهو أعداء الملكية..
وما أكثرهم..
“أما إذا كان لابد من تعطيل الشرعية الدستورية و”إحداث” لجنة مؤقتة لتمارس اختصاصات مجلس قائم الذات بلا سند سياسي ولا قانوني ولا دستوري، فعلى الأقل ينبغي أن يكون ذلك بالانتصار إلى التوافق”..
نعم هكذا قيل لرئيس الحكومة شخصيا من طرف بعض ذوي النيات الحسنة..
والانتصار إلى التوافق يمر بالضرورة عبر “تمثيل” جميع الهيئات المهنية في هذه اللجنة المؤقتة عوض زرع الفتنة وتغذية الاقتتال الداخلي بين زملاء يستقلون نفس القارب وينتظرون نفس المصير..
كما أنه إذًا كان من الضروري أن يمر هذا المشروع من الحكومة ومن البرلمان بغرفتيه من أجل انتخاب مجلس وطني للصحافة، فلماذا لا تدخل وزارة الداخلية على الخط؟..
وظني أن وزارة الداخلية هي المؤهلة، على جميع المستويات، لتنظيم هذا الاستحقاق الانتخابي الخاص بالصحافيين وليس وزارة الاتصال والتواصل..
شخصيا، كم وددت لو تكفلت وزارة الداخلية بتنظيم انتخاباتنا نحن كصحافيين..
وأكيد أن هذه العملية الانتخابية، إذا ما تكفلت بها وزارة الداخلية، ستمر في ظروف جيدة ولن تثير ربما نتائجها أي جدل..
وقد أذهب أبعد من ذلك لأدعو إلى ضرورة إلحاق قطاع الاتصال والتواصل بوزارة عبد الوافي لفتيت لأن المؤكد منه هو ألا أحد من الصحافيين سيظلم عند هذا الوزير الطيب جدا والخلوق جدا..
وأنا هنا لا أمزح لأن بلدنا لديه سابقة عندما ألحق، في سياق سياسي مضى، وزارة الإعلام بأم الوزارات في عهد أقوى وزير داخلية في تاريخ المغرب الراحل إدريس البصري رحمه الله..
إذن ما المانع اليوم من إعادة إحياء هذه السابقة حتى يبدو البلد كما لو أنه يسير إلى الوراء وليس إلى الأمام؟!..
وحتى يبدو البلد كما لو أنه ينسف المكتسبات عوض تعزيزها وترصيدها؟!..
وحتى يبدو البلد كما لو أنه ينسف “نسفا منهجيا” كل هذه المجهودات الكبيرة التي بذلت طيلة هذا العهد الجديد مع الملك محمد السادس حفظه الله؟!..
وعندما أقول إني مع انتخاب مجلس وطني للصحافة تحت إشراف فعلي لوزارة الداخلية فإني أشترط شرطا واحدا لا ثاني له..
وشرطي هو أن تجري هذه الانتخابات بلوائح انتخابية جديدة وبتحيين اللوائح القديمة وتنقيتها من الصحافيين الأموات..
نعم هذا هو الشرط الوحيد حتى تمر العملية الانتخابية برمتها في أجواء شفافة ونزيهة ودون أن يطعن، في شفافيتها ولا في نزاهتها، ولو صحافي واحد..
بقي فقط أن أختم بتعليق بسيط عما يكتبه الزملاء والأصدقاء في الضفة الأخرى دفاعا عن إحداث هذه اللجنة الحكومية..
وهذا شيء جميل وصحي وضروري أن نتبادل الآراء والأفكار حول لأننا نستقل نفس القارب وننتظر نفس المصير..
كما أني لا أخفي أني قرأت بكثير من الاهتمام وبكثير من العناية ما كتبه أحد الزملاء في أكثر من افتتاحية إذا لم تخنني الذاكرة..
وقد أقول أيضا إن جوهر هذه الافتتاحيات فيه الكثير من النضج ومن الرزانة ومن الحكمة حتى لا أقول إن هذه الافتتاحيات أقرت بما هو أهم وهو أن هذه الخلافات بين أبناء المهنة الواحدة هي، لا محالة، إلى زوال طال الزمن أو قصر..
وهذا هو المطلوب منا جميعا..
نعم مطلوب منا جميعا أن ننتصر لصوت العقل وألا نقطع “شعرة معاوية” حتى لا نموت جميعا لأننا نتنفس نفس الأوكسجين.