الدار البيضاء.. حتى لا تتحول رئة الاقتصاد المغربي إلى “رهينة”
من منا لا يتذكر الخطاب الناري الذي خصصه الملك محمد السادس للدار البيضاء من قلب البرلمان قبل قرابة 10 سنوات؟
نعم كلنا يتذكر ذلك الخطاب التاريخي الذي ساد معه الاعتقاد بأن نصف مسؤولي هذه المدينة العملاقة سيقضون ربما بقية حياتهم في السجن..
أقول هذا ولو أني شخصيا لا أتمنى أي مكروه لأي شخص على وجه الأرض وإنما أتمنى الخير ولا شيء غير الخير للناس أجمعين..
لكن ماذا حصل بعد ذلك الخطاب غير المسبوق، الذي شخص الداء ووصف الدواء وسمى الأشياء بمسمياتها؟..
لا شيء حصل تقريبا مقارنة مع ما كان ينتظره البيضاويون من مسؤولي هذه المدينة..
والسبب هو أن من بيدهم الأمر والصلاحيات لم يقوموا بعملهم أو بالأحرى لم يقوموا بتفعيل مقتضى دستوري هام يربط المسؤولية بالمحاسبة..
وهكذا تركت الدار البيضاء تواجه مصيرها “المحتوم” مع شبكات ومع مافيات شبت عن الطوق وأصبحت تتحكم ربما حتى في تفاصيل الخريطة الانتخابية وفي تركيبة المجالس المنتخبة..
بل إن هذه الشبكات والمافيات تعطي الانطباع كما لو أنها تتحرك ب”صلاحيات” تفوق ربما صلاحيات الوالي وتفوق صلاحيات العمال بهذه المدينة التي تعد رئة الاقتصاد بالبلد..
أما الحصيلة الكارثية فهي كما نرى لا كما نسمع:
أكبر مدينة بالمغرب لازالت إلى اليوم لم تنجز مخططها التنموي لأن بعض الماسكين بالخيوط انشغلوا بالأهم..
والأهم عندهم هو التخطيط والتفكير في مستقبل شركاتهم الخاصة وفي كيفية “قنص” صفقات المجالس المنتخبة حتى لو أدى ذلك إلى التورط في شبهة تنازع المصالح..
كما أن أكبر مدينة بالمغرب لازالت تعيش إلى اليوم شبه بلوكاج ولازالت تعيش شبه شلل مالي وربما لا يوجد في ماليتها تقريبا أي درهم كما لو أنها تسير بلا عمدة وبلا وال وبلا عمال وبلا مجالس منتخبة..
أكثر من هذا، فأكبر مدينة بالمغرب أصبحت اليوم رهينة بيد بضعة “أثرياء” اغتنوا في ظروف غامضة رغم أن بعضهم ليست له أي مهنة وبعضهم الآخر كان بالأمس القريب لا يملك من متاع الدنيا أي شيء..
أمًا ثالثة الأثافي وهي أن المشاريع الملكية التي كان من المفترض أن تكون قد انتهت منذ زمن فإن بعضها لازال يسير ببطء ولا أحد يعرف حتى السقف الزمني الذي ستنتهي فيه..
يحصل كل هذا “الإهمال” رغم الأغلفة المالية العالية التي خصصتها أكثر من جهة لهذه المشاريع الهامة والتي كان بالإمكان أن تغير وجة الدار البيضاء إلى الأحسن.