الخبر من زاوية أخرى

قضية لمجرد.. العدل قيمة كونية عابرة للحدود

قضية لمجرد.. العدل قيمة كونية عابرة للحدود
آذارآذار

ما سر هذا “التضامن” والكاسح ربما مع الفنان المغربي سعد لمجرد الذي قيل إن اسمه سجل الآن أو في طريقه إلى التسجيل بالسجل الوطني الفرنسي لمرتكبي الجرائم الجنسية؟

حصل كل هذا “التضامن” بعد إدانة لمجرد بست سنوات سجنا نافذا في قضية اغتصاب وعنف وبعد محاكمة ماراطونية توفرت فيها ربما كل الشروط المطلوبة في المحاكمة العادلة..

طبعا، من حق أي كان أن يتضامن أو لا يتضامن مع فنان موهوب فرض نفسه على جمهور عريض من المحبين والمعجبين داخل المغرب وخارجه..

لكن التضامن من عدمه هو موقف نؤسسه على قواعد صلبة من المعطيات الدقيقة ولا نؤسسه على “مزاج” عابر انفلت من عقال العقل في لحظة انفعال عاطفي عابر هو بدوره..

أقصد أن “التضامن” أو “عدم التضامن” له دوافع جوهرها مبدئي في المقام الأول..

والأفق في المبدأ ليس هو الدفاع عن شخص وعن “ولدنا” وعن “ولد بلادي”..

لماذا؟

بكل بساطة لأن العدالة قيمة كونية ومفهوم عابر للحدود والأوطان وليس مفهوما مرتبطا برقعة جغرافية محدودة في الزمان والمكان..

ولست في حاجة هنا أن أذكر بالدرس الأخلاقي والبطولي الذي أعطته شاريل كوري قبل قرابة 20 سنة من الآن..

وشاريل كوري هي ناشطة أمريكية فضلت أن تموت تحت عجلات جرافة إسرائيلية “تضامنا” مع مواطن فلسطيني هدم الجيش الإسرائيلي منزله المتواضع..

و”تضامن” الناشطة الأمريكية شاريل كوري هنا مع مواطن فلسطيني هو في الأصل دفاع عن قيمة “العدل” حتى لا يتحول “الظلم” إلى مشروع سياسي للحكم في المجتمعات..

وأنا أتحدث عن “التضامن” بهذا المعنى فإني لم أفهم أيضا غياب أو تغييب والدة سعد لمجرد عن حضور محاكمة ابنها في ملف حساس جدا وفي ظرف صعب يحتاج فيه الابن إلى أمه وتحتاج فيه الأم إلى ابنها؟

طبعا “الغايب حجتو امعاه” ونتمنى “أن يكون المانع من الحضور خيرا”، كما يقول الطيبون من أجدادنا..

وظني أن عدم حضور والدة سعد لمجرد لمحاكمة ابنها في محاكمة غير عادية “شوش” ربما على “التضامن” وعلى معنى “التضامن” أيضا..

وازداد منسوب هذا “التشويش” خاصة بعد “نشر” صور في الصحف والمواقع الإلكترونية لا يوجد فيها ربما حتى الوالد البشير عبدو الذي ربما هناك في فرنسا..

وفعلا ما معنى أن يحضر الجميع “جنازة” فنان كبير إلا أهل الفنان؟…

والموت هنا له معنى مجازي لأن ست سنوات سجنا نافذة هي قاسية ولن تمر كلمح البصر..

غير أن المثير في هذا كله هو الذي حدث هنا بالمغرب..

ففي الوقت الذي كان ملايين المعجبين والمعجبات “يبكون” “تضامنا” مع الفنان سعد لمجرد بعد هذا الحكم القضائي الذي نزل عليهم كالصاعقة..

وفي الوقت الذي ألغى فنانون عروض أعمال فنية كانت مواعيدها مبرمجة في سابق في أكثر من مدينة مغربية وغير مغربية مثلما فعل الفنان محمد الجم “تضامنا” مع والدة لمجرد ومع والده..

وفي الوقت الذي “خيم” الحزن على أجزاء كثيرة من “العالم”، كانت والدة لمجرد، هنا بالمحمدية، “تضحك وتلعب وتقفز” في أكثر من مشهد كبطلة وكأم في تصوير مسلسل تلفزيوني سيعرض قريبا على القناة الأولى بمناسبة رمضان..

والدة سعد لمجرد فعلت كل هذا الذي فعلت رغم أنها غير محتاجة أصلا إلى المال ولا إلى إلى الظهور في مسلسل على شاشة التلفزيون لأنها محبوبة ومعروفة لدى المغاربة أجمعين..

ولكنها محتاجة أكثر إلى عائلتها ومحتاجة أكثر إلى أن تكون إلى جانب “كبدتها” في هذا “المصاب الجلل”..

ومع ذلك، ليس هناك ما يدعو إلى اليأس لأن الحياة كانت دائما دمعة وابتسامة ولم تكن أبدًا خطا مستقيما..

كما أن هذا الحكم القضائي القاسي ليس سوى مرحلة أولى من التقاضي في انتظار مراحل أخرى قادمة..

ومن يدري؟

وقد تنصف العدالة الفرنسية ابننا سعد ونراه حرا طليقا ليعيد حياته الفنية والأسرية من جديد..

نعم هذا ممكن إذا ما ظهرت معطيات جديدة في القضية وإذا ما أحسن سعد الدفاع عن براءته..

وهذا ما أتمناه شخصيا ومن قلبي الخالص.