عندما لم يقدر سعد لمجرد الوسام الملكي حق قدره

كان القضاء الفرنسي ربما “رحيما” بالفنان المغربي سعد لمجرد عندما تابعه في حالة سراح..

وأنا أقول بهذا ولو أن المتابعة في حالة سراح هي العادي وهي الطبيعي لأن الأصل هو الحربة..

حصل هذا رغم أن المعني بالأمر يواجه اليوم اتهامات ثقيلة قد تصل فيها العقوبة إلى ما يفوق 7 سنوات إذا ما تأكدت أركان هذه “الجريمة البشعة”..

وفعلا إنها “جريمة بشعة” لأن صك هذا الاتهام الثقيل تضمن “اغتصابا” مصحوبا باستخدام  العنف في حق فتاة فرنسية لم تكن تبلغ من العمر وقتها سوى 20 سنة..

وكان سعد لمجرد أو “الفتى المدلل” الذي يبلغ اليوم من العمر 37 سنة قد “استدرج” هذه الفتاة، التي التقاها قبل خمس سنوات في علبة ليلية، إلى غرفته بفندق “ماريوت” ببلد الثورة والأنوار.

وأقول إن “القضاء الفرنسي” كان “رحيما” بسعد لمجرد لأن المعني بالأمر حتى وإن نفى فعل الاغتصاب وحتى وإن حاول أن يبدي أن “كل شيء” كان بالتراضي وب”المفاهمة”..

نعم حتى وإن نفى كل هذه الأفعال الجرمية المنسوبة إليه إلا أنه كاد أن “يعترف” بكل شيء في ثنايا الرد عن أسئلة المحكمة وعن أسئلة الدفاع أثناء محاكمته التي تجري حاليا بجنايات باريس..

سعد لمجرد “اعترف” تقريبا أمام المحكمة بأنه فعلا “دفع” أو “صفع” ضحيته “المفترضة” على وجهها وسقطت على الأرض..

هكذا قال لمجرد قبل أن يضيف أيضا أنه الآن نادم ويشعر بالخجل “لأن الرجل لا ينبغي أن يمارس العنف على امرأة..”، حسب قوله..

أكثر من هذا، فحتى عندما سئل لمجرد عما إذا كانت “ضحيته” كذبت وهي تروي وقائع ما جرى بينهما داخل غرفة الفندق، فإنه لم يتهمها بالكذب وإنما اكتفى بالقول:

“هي لم تكذب لكنها ربما أخطأت في سرد الوقائع”..

لكن المحكمة ستوجه إلى لمجرد سؤالا لم يكن متوقعا:

“وبماذا تفسر ردة فعل المشتكية بهذه الكيفية “؟

سؤال أربك لمجرد الذي فضل أن يتحدث هنا عن “سوء فهم” ليس إلا..

أوليس هذا ما يشبه “الاعتراف” الصريح والمتكامل الأركان بجريمة الاغتصاب؟

أترك لكم الجواب..

لكن اللافت في المسار الفني لابن البشير عبدو ونزهة الركراكي هو أن “الاغتصاب” لم يعد واقعة عرضية عابرة حدثت في سياق عرضي عابر..

“الاغتصاب”، في المسار الفني لابن البشير عبدو ونزهة الركراكي، وتحت تأثير “بلية” “الكوكايين” و”الكحول”، يكاد يصبح “منهجيا” و”مخططا” له وفيه “القصد الجنائي” مسبقا..

ويكفي أن نذكر هنا أن الفنان لمجرد ووجه في هذه المحاكمة بأسئلة حول سوابقه في “الاغتصاب” والتي تتجاوز
خمس قضايا كلها وصلت إلى القضاء في أكثر من بلد في العالم..

بل هناك شكاية بالاغتصاب وضعت هنا بالمغرب ضد سعد لمجرد قبل أن تسحبها صاحبتها في ظروف غامضة وربما بضغط من عائلتها..

غير أن لمجرد رفض الإجابة عن أسئلة المحكمة الفرنسية حول هذه السوابق القضائية وفضل الصمت عوض أن يدافع عن نفسه وعن براءته..

وقبل واقعة “اغتصاب” هذه الفتاة  الفرنسية المعروفة ب”لورا.ب” بسنتين، كان سعد لمجرد “بطل” واقعة اغتصاب مماثلة..

والمقصود هنا واقعة اغتصاب فتاة فرنسية أخرى كان لمجرد قد استدرجها إلى فندق كان ينزل فيه بنفس الطريقة وبنفس الطقوس..

ورغم أن “بطل” هذه الواقعة قضى أكثر من ستة أشهر رهن الاعتقال داخل أسوإ السجون الفرنسية إلا أنه عاد فيما بعد ليضرب من جديد ويسجل نفسه وضد بلده مرة أخرى من نفس الزاوية الضيقة..

وقع كل هذا الذي وقع دون أن ينتظر حتى أن تندمل ندوب وجراح ضحيته الأولى.

وكم أحزن لبعض التعليقات التي تلتمس العذر للمجرد وتحاول تسويغ “الجريمة” بدعوى أنه فعل فعلته هذه لأنه كان فاقدا للوعي تحت مفعول المخدرات.

والواقع أن تناول المخدرات ليس ظرف تخفيف يدعو إلى التعاطف مع “المغتصب” ضد ضحاياه.

تناول المخدرات هو، في الحقيقة، ظرف تشديد بنص القانون وروح القانون، في مثل هذه الحالات.

وظني أن لمجرد “امتهن” ربما الاغتصاب ليس لأنه غير قادر على التحكم في نفسه الهائجة بفعل الإدمان على استهلاك المخدرات..

لا.

لمجرد جعل من الاغتصاب هوايته المفضلة لأن هذا الولد أصبح يعتبر نفسه “ناطحة سحاب” فوق المحاسبة وفوق القانون وفوق البشر..

وما كان لهذا أن يقع لولا أن هناك “جهات”، وأحيانا بحسن نية، تقف إلى جانبه وعلى أتم الاستعداد للدفاع عنه حتى لو كان الثمن غاليا من سمعتنا الحقوقية.

وليس هذا فحسب، بل إن لمجرد أصبح يرى “ربما” أن اغتصاب أي فتاة هو حق من حقوقه “المدنسة”..

وقع هذا فقط لأنه غنى للبلد ولرموز البلد أو تم توشيحه بالوسام الملكي..

شخصيا، أعتبر الوسام الملكي والعطف الاستثنائي، الذي خصت به أعلى سلطة في البلاد سعد لمجرد، رغم حساسية التهمة الثقيلة المتابع بها، هو التفاتة نبيلة وتعامل في منتهى السمو والرقي.

وكان على لمجرد أن يقدر هذه الالتفاتة النبيلة وذات الرمزية الخاصة حق قدرها لا أن يمسح بها الأرض ويجرجرها فوق التراب بلا اعتبار وبلا وقار وبلا تقدير لمصدر الالتفاتة..

وكم هو محرج لجاليتنا في الخارج عندما يصبح المهاجر المغربي، في أذهان الفرنسيين والأوربيين، إما أنه إرهابي مثل عبد الحميد أباعود وإما أنه وحش “مغتصب” مثل سعد لمجرد.

وسامح الله أولئك الذين قدموا سعد لمجرد كنموذج للشباب المغربي الناجح وما على باقي الشباب من أقرانه إلا أن يحتذوا به!

لكن كل الحقائق على الأرض تقول عكس ذلك تماما.

ثم إن تعليق الوسام الملكي على صدر أي فنان أو أي شخص آخر هو مسؤولية لها ثقلها ولها وضعها الاعتباري الخاص.

بمعنى أن الوسام ينبغي أن يعطى للذين أعطوا أشياء ذات قيمة للوطن لا أن يعطى للذين صفعوا الوطن وأساؤوا إليه.

وبلا شك، فلمجرد صفع الوطن وصفع رموز الوطن وصفع المغاربة وصفع الفن المغربي وصفع رواده الكبار أيضا..

لماذا؟

بكل بساطة لأن هذا الشاب “المفشش” جدا  فشل حتى في أن يكون “منتوجا مغربيا” مثل العديد من الفنانين المغاربة الذين رسموا صورة مشرقة عن البلد.

بقي فقط أن أقول:

وأنا أكتب هذه السطور المتواضعة، فلا ينبغي أن يفهم من كلامي أني أريد بهذا الشاب شرا أو أني أتمنى له السجن..

حاشا لله..

وأنا لست من الذين يتشفون بمآسي وآلام الناس ولن أكون أبدًا والله يشهد..

وكم وددت لو كانت البراءة من نصيب لمجرد الذي يبقى فنانا كبيرا بجمهور عريض في كل أنحاء الدنيا..