مصطفى الفن يكتب: صندوق المقاصة “العجائبي”
جميل جدا أن يقول السيد عزيز أخنوش في جلسة دستورية من داخل المؤسسة التشريعية إن ما يقال عن أرباحه من المحروقات كله “كذب في كذب”..
لكن غير الجميل هو ألا يقول السيد أخنوش ما هو “غير الكذب” عن حقيقة أرباحه كرئيس حكومة وكتاجر “يحتكر” بيع المحروقات للمغاربة..
نعم مهم جدا أن نعرف ما هو “كذب” وما هو “حقيقة” في هذه القضية حتى يمكننا أن نقول للذين كذبوا على السيد أخنوش:
“ألا لعنة الله على الكاذيين..”..
طبعا القضية هنا هي ربما قضية سياق ليس إلا..
وأكيد ستظهر الحقيقة يوما ما إذا ما تغير هذا السياق..
لكن هناك قضية أخرى لا يمكن أن تمر مرور الكرام ولا مرور “الكيران” لأنها تكشف بالملموس من هو “العدو” رقم واحد للشعب..
وأقصد هنا “الكيفية” التي كان يستفيد بها عزيز أخنوش وشركاؤه في المحروقات من ملايير صندوق المقاصة..
والواقع أن هذه “الكيفية”، في الاستفادة من أموال صندوق المقاصة، هي كيفية صادمة ومستفزة لمعتقدات الناس وتتجاوز سقف “المخالفة الأخلاقية”..
إنها “كيفية” لا تليق بأخلاق التاجر العادي ولا بأخلاق السياسي العادي فأحرى أن تليق بالرجل الثاني في هرم الدولة..
ولعلي لا أبالغ إذا قلت إن هذه “الكيفية” في الاستفادة من أموال المقاصة هي أقرب ربما إلى “السرقة الموصوفة” أو أكثر..
نعم إن الأمر بهذه الخطورة إذا ما “صح” هذا الذي قاله بنكيران في خرجته الإعلامية الأخيرة عن صندوق المقاصة..
بنكيران قال “إن أخنوش ومن معه كانوا يأتون بفواتير بعضها فوق بعض ثم يأخذون مقابلها ما شاؤوا من ملايير المقاصة ثم يعودون من حيث أتوا سالمين غانمين دون أية محاسبة ودون حتى التأكد مما إذا كانت هذه الفواتير حقيقية أو وهمية..”..
وظني أن هذه “الكيفية” التي كان يوزع يوزع بها المال العام من صندوق المقاصة على هذه “الحفنة” من الأثرياء لا توجد حتى في الدول البترولية أو في الدول ذات الثراء الفاحش..
وقد أضيف أيضا لأقول إنها “كيفية” اجتمعت فيها ربما كل أركان الفعل “الجرمي”..
لماذا؟
لانها “كيفية” فيها “شبهة التعدد..
وفيها شبهة الاعتياد..
وفيها شبهة الاحتيال..
وفيها شبهة “الدوباج” والنفخ في الأسعار..
وفيها شبهة التخطيط..
وفيها شبهة التواطؤ..
وفيها شبهة الاتفاق المسبق على ارتكاب على ارتكاب الجرم..
أقول هذا لكن طبعا إذا ما “صح” هذا الذي قاله بنكيران..
لأن بنكيران ليس أمينًا عاما لحزب سياسي فقط..
إنه أيضا رئيس حكومة سابق ومطوق بواجب التحفظ واطلع على جزء من أسرار المربع الذهبي الذي تطبخ فيه القرارات ذات الحساسية الخاصة..
أكثر من هذا إنها “كيفية” في تكاد تصل إلى “الكانيباليزم” التي قد تغذي “الاحتقان” وسط ملايين المغاربة الذين يعيشون تحت عتبة الفقر وبدون حتى الحد الأدنى من الكرامة الآدمية..
وهذه مناسبة لأقول أيضا إنه من غير المعقول أن “نرمي” “لصا”، من دوار السكويلة أو من حي مولاي رشيد، في السجن فقط لأنه سرق هاتفا محمولا ب200 درهم..
لكننا نتسامح مع هذه “الحيثان” الكبيرة التي تفعل ما تشاء في صناديق الدولة وفي أراضيها وفي ميزانياتها الضخمة دون حسيب ولا رقيب ولا يحزنون؟
ختاما، أتمنى من كل قلبي ألا يكون “صحيحا” ما قاله بنكيران عن هذه “الكيفية العجائبية” في الاستفادة من أموال المقاصة لأنه في كل الأحوال، يبقى السيد عزيز أخنوش رئيس حكومة المغرب والمغاربة أجمعين..