الخبر من زاوية أخرى

مصطفى الفن يكتب: ليلة “الدخلة” على “الكاتبة الأولى”

مصطفى الفن يكتب: ليلة “الدخلة” على “الكاتبة الأولى”
مصطفى الفنمصطفى الفن

على بعد بضعة أمتار من الوصول إلى محطة المؤتمر الوطني ال11 للاتحاد، اجتمع إدريس ومن معه أمس على عجل في مجلس وطني كاد ألا ينعقد وغيروا قوانينهم الداخلية ليمنحوا ولاية ثالثة لشخص لم يعد يهمه أي شيء:

لا سمعته ولا سمعة مناضلين ولا سمعة حزب ولا سمعة رموز الحزب ولا سمعة وطن…

وأستأذن قرائي، ولو أنهم قليلون جدا ولا يتجاوز عددهم “كمشة” نحل، في أن أقول لهم إننا فعلا أمام شخص لا يهمه أن يدخل التاريخ من بابه ولا من خلفه ولا من نافذته..

ما يهم صاحبنا “ربما” هو الحاضر وامتيازات الحاضر وعائدات الحاضر من وسخ الدنيا لا غير..

أما التاريخ فخذوه أو كلوه أنتم أيها المناضلون المتشبثون بالقيم والمثل العليا..

وأعتذر لأصدقائي من الاتحاديين على هذا التدخل في الشؤون الداخلية لحزب هم أدرى بشعابه ولو أن الاتحاد هو في الأصل “رأسمال لا مادي” ومشترك وطني مملوك للمغاربة أجمعين..

صحيح أن بعض قادة الاتحاد لهم وجهة نظر أخرى في الولاية الثالثة ورفضوا أمس الحضور إلى أشغال المجلس الوطني الذي كاد أن يعلن أن إدريس كاتب أول حتى قبل انعقاد المؤتمر..

نعم رفض هؤلاء القادة الاتحاديون الحضور لأشغال المجلس الوطني لئلا يضفوا “الشرعية” على هذا “الانحراف” الذي وقع ضدا على قوانين ومؤسسات وإرادة مناضلي الحزب..

أذكر في هذا المنحى أن الحبيب المالكي الرجل الثاني في الحزب ورئيس مجلسه الوطني استقل سيارة ادريس وذهب إلى منزل عبد الواحد الراضي من أجل إحضار الراضي إلى أشغال المجلس..

لكن الراضي أو شيخ الاتحاديين، ولو أنه هو أيضا جزء من مشكل الاتحاد، رفض الحضور أو بالأحرى رفض تزكية “الانقلاب” على قوانين الحزب على بعد “بضع” ساعات من ليلة “الدخلة” على الكتابة الأولى التي تحولت إلى “كاتبة أولى” من هول ما جرى..

وصحيح أيضا أن المالكي نفسه كان قد رفض في البداية عقد دورة هذا المجلس قبل أن ينقلب على نفسه في آخر لحظة ويقبل، في ظروف غامضة، بالانقلاب على قوانين الحزب..

ولا أريد أن أحكي ماذا كان يقول الحبيب المالكي عن الولاية الثالثة وعن صاحب الولاية الثالثة حتى في الساعات الأخيرة قبل انعقاد المجلس الوطني..

فهل تلقى المالكي “وعودا ما” مقابل هذا الدعم المفاجئ لادريس في معركة الولاية الثالثة؟

لا أعرف..

بل حتى المرشحون للكتابة الأولى نأى بعضهم أو جلهم بجانبه ورفضوا المشاركة أمس في مراسيم تشييع حزبهم.

ذلك أنه لم يحضر أشغال هذا المجلس من المرشحين عدا عبد الكريم بنعتيق الذي سينتفض فيما بعد ضد الولاية الثالثة في بيان “غاضب”..

لكنه “غضب” جاء بعد خراب مالطا وربما بعد خراب حزب..

وهذه مناسبة لأتساءل أيضا:

ماذا وقع لباقي عقلاء وحكماء ومناضلي الاتحاد الذين التزموا الصمت ولم يقولوا حتى “اللهم إن هذا لمنكر”..؟

وظني أن قول “اللهم إن هذا لمنكر” إزاء ما حدث هو أضعف الأيمان..

لماذا؟

لأن هذا الذي حدث داخل الاتحاد هو بمثابة “انقلاب عسكري” أطاح بكل شيء مدني..

وأطاح بكل شيء سلمي..

وأطاح بكل شيء قيمي..

وأطاح بكل شيء مبدئي..

وأطاح بكل شيء رمزي..

وأطاح بكل شيء جميل وذي معنى من الزمن الجميل لحزب القوات الشعبية..

فهل نسي البعض أننا في المغرب ولسنا في سوريا..؟

أقول هذا ولو ان هذا “المسخ” الذي وقع أمس داخل الاتحاد فيكاد يضبط عقارب الساعة على توقيت بعض عواصم الاستبداد لبعض الديكتاتوريات العربية التي لا تشبهنا في أشياء كثيرة..

والحقيقة أن “تعديل” القوانين الداخلية للاتحاد عبر إجراءات استثنائية لتنظيم مؤتمر عادي يطرح إشكالا جوهريا..

إنه إشكال يهم بالتحديد مدى “قانونية” هذه “التعديلات” ومدى “قانونية” و”شرعية” المؤسسات الحزبية التي ستنبثق عنها..

وهذا ليس استنتاج صحافي..

إنها معلومة مستقاة من مصدر موثوق..

وجاء في نص المعلومة أن بعض المرشحين هم الآن في الطريق إلى القضاء من أجل الطعن في هذه التعديلات التي اتخذت شكل “جلباب” فصل على مقاس شخص..

لكن ماذا لو انتصر القانون لهذا الشخص ومنحه الحق في ولاية ثالثة على رأس الحزب؟

هكذا سألت واحدا من مصادري بحسن نية وبصفاء روحي ايضا لكن الجواب كان مفاجئا:

“أستعبد أن تنتصر مؤسسات البلد للنزوات وللعبث وللأشخاص على حساب دولة الحق والقانون..

لكن إذا حصل هذا، فسأقول في نفسي: وصلت الرسالة..

وسأنسحب في صمت من حلبة هذا السباق..

وسأقول في نفسي أيضا:

الخير في ما اختاره الله للاتحاديين والاتحاديات..”.