بعد "تسريب" قانون تكميم الأفواه المشؤوم، يتضح أن تطورات هذا الفيروس أصبحت مرتبطة ليس بأمننا الصحي فقط كما شرحت ذلك بإسهاب في مقال سابق، بل بأمننا الديمقراطي واختياراتنا الحقوقية.
قبلنا أن يعاقب المتورطون في خرق قوانين الطوارئ الصحية وقلنا باعتماد العقوبات الأخف مراعاة للظرفية الاستثنائية التي يمر منها بلدنا، ووجدنا أنفسنا نقبل هذا الوضع الجديد أسوة بباقي دول العالم وبمبدأ الحرص على الشعور الوطني.
غير أن ذلك لا يمنح شيكا على بياض لأي كان، حكومة أو إدارة أو شركة، لتوظف الوضع من أجل حرماننا من مكتسباتنا.
لقد تحمل الشعب المغربي الكثير بسبب فيروس قاتل وحكومة غير كفئة، وبات وضع مواطنينا النفسي والاجتماعي تحت وطأة الضغط.
أما اقتصادنا فحدث ولا حرج عن الأزمة التي تخنقه كل يوم لأسباب ذاتية محلية تطرقنا لها في المقال السابق، وأخرى سنتناولها في هذا المقال.
وهي أسباب ذات ارتباط بالوضعية الدولية بدأت تلقي بظلالها علينا. فكيف سنحمي اقتصادنا مستقبلا والأسواق المالية العالمية خسرت حتى الآن أكثر من 6 تريليون دولار ومن المتوقع أن تخسر أكثر من ذلك، وأن ينكمش الاقتصاد العالمي كما لم يفعل منذ الحرب العالمية الثانية؟
بعد اليوم، أصبح لزاما علينا التفكير في كيفية تحسين قدرات اقتصادنا للتعامل مع الأزمات والتقلبات.
بل يجب أن يكون هذا هو هدفنا في السياسة الائتمانية التي نتبناها حاليا ومستقبلا ليس فقط للتخفيف من آثار الوباء، بل لبناء أسس مواجهته والوقوف في وجه تداعياته.
ذلك أن اقتصادنا الوطني كان قبل أزمة كورونا حاملا لعناصر الهزيمة والوهن أمام أي وباء، بل لم يكن محصنا من تداعيات المؤشرات والأرقام الدولية، لاسيما في علاقة احتكار الثروة من طرف قلة قليلة.
الأرقام الدولية التي تفيد بأن 0.9% من سكان العالم يملكون 43.9% من ثروة العالم، وأن 82% من الثروة الناتجة سنة 2017 ذهبت إلى جيوب 1% فقط، وأن 42 شخصا من أغنياء العالم يملكون ما يملكه 3.7 مليار نسمة.
وبذلك فالاقتصاد العالمي يلد لنا مليارديرا كل يومين. أما اقتصادنا الوطني فربما يجدد ولادة نفس الملياردير يوميا