عبد الحميد جماهري يكتب: الحرية كانت دوما الحليف القوي للوطن في معاركه
لقد قيل ما يكفي عن الفشل في امتحان المسؤولية وأخلاقها، من طرف مسؤولين لم يلتزموا بالحد الادنى من آداب التسيير المشترك.
ولعل هذه الملاحظات، بالرغم من طابعها الجزيئ في الغالب، لن تستقيم إذا هي لم تصاحب بالحديث عن أخلاق الحرية..بالمعنى الفيبيري للكلمة.
نقول ، كان هناك فشل في أخلاق المسؤولية، ونتجاوز ذلك، الى ما هو صنوها وتوأمها، أخلاق الحرية…
وأمامي، هنا، من باب الاستئناس فقط، مقالة لخبراء وعلماء الاوبئة الفرنسيين،نشرتها لوموند، وخلقت نقاشا مفاهيميا وعمليا، أعقب ما قررته الدولة الفرنسية حول عملية التتبع الالكتروني للمصابين ومحيطهم(traçage) وقد ذهبوا بعيدا في تحميل المسؤولية مهمة إنقاذ البلاد والمواطنين من الجائحة.
كتبوا في المقال العريضة يطالبون« باستبدال كلمة حريةفي شعارنا الفرنسي ، مؤقتا، بكلمة مسؤولية لكل واحد منا"..
بمعنى أن شعار الثورة الفرنسية "حرية ، مساواة، إخاء" يتحول مؤقتا الى مسؤولية، مساواة إخاء..
وبدليل هذه الصرخة، تستطيع المسؤولية أن تكون في مستوى ضرورة وحيوية الحرية..ويسقط اتهام من يعتبر بأن نقاشنا عن المسؤولية محاولة هروب وتتفيه للقضية الاصل الحرية.
من حسن الحـظ، أن النقاش العمومي لم يغرق طويلا أو عميقا في إشكال التقليص من الحريات أو الدخول في نقاش، بالرغم من كل ضروراته المفهومة، تمحيص القرارات المتعلقة بالحجر والطوارى، علاوة عن الحريات الفردية والجماعية والاعتبارات الدستورية في هذا الجانب الخ.
وقد رأينا كيف أن الموضوع، الذي استأثر في مرحلة من المراحل، بالاهتمام هو سلوك بعض عناصر القوات العمومية في التعامل مع المواطنين في ما يتعلق بتطبيق الحجر، وكيف سارعت الجهات المختصة، منها المديرية العامة للامن الوطني أو الداخلية، الى فتح تحقيق أو الدعوة الى تأديب من تجاوز مهمة المراقبة الى العقاب.
ومن حسن الحظ أيضا أننا، كصحافيين كنا شهودا على حالتين اثنتين، تعلقتا بما اعتبرناه مصادرة لحق الصحفيين في التجوال وأداء مهامهم سواء عند الاعلان الاول عن الحجر العام، مع بداية الشوط الاول، أو مع الاعلان الثاني عن حالة الطوارى الأمنية في الشوط الثاني.
ومن حسن الحظ أن السبيل المؤسساتي، وأدوار مؤسسات التمثيل النقابي، كالنقابة والمجلس الوطني عالجا الامر مع الوزارة المعنية، أي الداخلية، وبسلاسة لم تجعلنا رهيني النقاش حول الحرية في التجول من أجل المهنة ومن أجل التعبير.
ان الوزارة الاكثر تشددا، تراجعت خطوة الى الوراء، بل خطوتين من أجل أن تقوم بعملها على أحسن وجه، وتقبل الصحافيون، العنيدون كثيرا طريقتها في التدبير من بعد ..
وهنا، بالذات مثال مغربي عن ما يجب القيام به، ولنا مثال في وزراة الداخلية في تدبير هذا «الاستعصاء«، (ايييه السي، وزارة الداخلية ذات التاريخ الذي يعرفه الجميع،) وفي مرونتها اليوم مثال لا بد لنا من استحضاره..
من حسن حظنا أن الفضاء العمومي الوطني، لم يدخل في أتون هذا النقاش حول الحريات والحجر وتطبيقاته الزجرية الخ..
ويجب الاقرار بأن نقاش الحرية، جاء بحدة اكبر ، مع القانون المتعلق بالمنصات الاجتماعية وبالتوابع الرقمية التي تمس اليومي العام للمواطنين، أكثر من الاجراءات السابقة، والتي كانت أقل منها قد قلبت الوضع العام في فرنسا وألمانيا وانجلترا وغيرها من الدول التي تعاني مع الجائحة…
ولا بد من التمعن في سلوك الداخلية مع الصحافيين في قضية التقنين أو حتى المنع للتحركات، والتراجع، عن كل «ما من شأنه» يدفع الى الاحتقان المهني والاجتماعي والسياسي في البلاد..