الخبر من زاوية أخرى

زهير داودي يكتب: الحملة الخليجية ضد المغرب.. إنما الأمم الأخلاق ما بقيت…

Avatarزهير داودي


وحدها الأشجار المثمرة من تُلْقَى بالأحجار، ووحدهم المحسنون من يَعْفُونَ ويتجاوزون، وَلاَ يَلْقُونَ بالاً للإتهامات المغرضة لجهات حاقدة وحاسدة، بل إن ذوي الهامات والقامات الكبيرة يرددون مع الشاعر المتنبي:
إِِذَا أَتَتْكَ مَذَمَّتِي مِن ناقِصٍ / فَهِيَ الشَهادَةُ لِي بِأَنِّي كَامِلُ
كذلك يستحضرون هذا المعنى الكبير:إِذَا أَنْتَ أَكْرَمْتَ الكَرِيمَ مَلَكْتَهُ / وَإِنْ أَنْتَ أَكْرَمْتَ اللَّئِيمَ تَمَرَّدَا.
مناسبة هذه المقدمة ما لوحظ منذ مدة، وليس فقط مؤخراً، من حملة ممنهجة ومنظمة بأبواق متنوعة ومدفوعة طبعاً، هدفها محاولة تشويه سمعة المغرب والنيل من مكانته:
ملكاً وشعباً وتاريخاً.
في مقالنا هذا لن نلجأ إلى قاموس اللغة المبتذلة المستعملة من طرف البعض لمهاجمة هذا أو التشكيك في ذاك، بل هدفنا بسط بعض الملاحظات التي من شأنها، وهذا رجاؤنا، أن تكون تَذْكِرَةً لمن يتذكر، وأن نكون موضوعيين بعيدين عن الحَمِيَّةِ مع أننا لا نُخْفِي أننا نَغْلِي من شدة الغضب مما نسمع ونرى من إفتراءات وأكاذيب ومزايدات دنيئة من أمثال ذلك الذي يقال إنه "إعلامي" سعودي ينتقد أهمية قطاع السياحة في بنية الإقتصاد المغربي، ويسخر من التحويلات المالية للمغاربة المقيمين بالخارج في استغناء، حسب زعمه، عن الصناعة.
 
هذا "الخبير الإقتصادي" أبان عن جهل ما بعده جهل، فالصناعة لا تعني إنتاج السلع وبعض الآلات وحسب، بل تعني تلك الهندسة وذلك النظام العلمي الذي يقود إلى تطوير قطاعٍ مَا، فالسينما صناعة، والسياحة صناعة، والفلاحة صناعة، والخدمات صناعة… وحتى "هيئة الترفيه السعودية" صناعة يا أيها "الخبير"؛ فالصناعة هي كل عملٍ أُتْقِنَ تنفيذه، كما يقول الله تعالى في حق أقوى البشر عاد: "وَتَتَّخِذُونَ مَصَانِعَ لَعَلَّكُمْ تَخْلُدُونَ"، (الآية 129، سورة الشعراء).
 
أما بخصوص هجرة المغاربة إلى الخارج، فنقول لذات "الخبير" إن ربنا يقول في محكم كتابه: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا…"، (الآية 13، سورة الحجرات)، والمغرب يتشرف أنه يبعث بخيرة أبنائه كسفراء إلى دول المهجر في القارات الخمس، فبسواعد الرعيل الأول بنيت أوروبا وصناعتها المدمرة بفعل الحرب العالمية الثانية، وَبِعُقُولِ وَبِهِمَمِ من تبعه من المهندسين والأطباء والباحثين… لا زال العالم يستفيد من فئةٍ بارةٍ لم تتنكر لا لأصلها ولا لوطنها ولا لملكها، فئة لا تزال تساهم في إقتصاد المغرب، وتبعث لعائلاتها ما تحتاج من موارد مالية لمواجهة تكاليف الحياة. وإذا سنحت لها الفرصة لتعود، فإنها لا تتوانى عن تقديم خبرتها العلمية وتجربتها المهنية والمساهمة في الإستثمار المنتج لفرص الشغل.
 
نكتفي بهذا "النموذج السعودي"، لأن منطق "وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ" يمنعنا من تعداد كل "الأزبال" التي يحوم حولها الذباب الإلكتروني، ومنها برنامج يدعو للسخرية يُبَثُّ على قناة تلفزيونية تونسية مَعْرُوفَةٌ مَصَادِرُ تَمْوِيلِهَا، يحاول معده من خلال (كاميرا خفية؟!) أن يمس بمشاعر المغاربة بِهَزْلٍ سَمِجٍ لا يصلح حتى أن يأخذ قالب فكرة، فما بالك أن يُضْحِكَ أو أن يَطْرُدَ الملل عن المشاهدين (لا أنصحكم بمشاهدته حتى لا تزداد نسبة الحموضة عندكم في هذه الأيام المباركة).
 
– صلب ?