الخبر من زاوية أخرى

بلدية صفرو.. البلوكاج متواصل ودورات المجلس تتحول إلى “محاكمة” للرئيس

آذارآذار


توصلت مسؤولة المستودع البلدي بمدينة صفرو برسالة استفسار موجة لها من طرف جمال الفيلالي، رئيس المجلس الجماعي، على خلفية تصريحاتها لعناصر الفرقة الجهوية للشرطة القضائية، التي تحقق  في شكايات المجتمع المدني والمعارضة حول خروقات وسوء تدبير وإهدار المال العام وشبهات فساد.

وتأتي هذه التحقيقات تزامنا مع حالة البلوكاج التي يعرفها المجلس الجماعي للمدينة بعد فشل الرئيس، المنتمي لحزب العدالة والتنمية في الحفاظ على أغلبيته بعد اتهامه من قبل حلفائه السابقين بالانفرادية وغياب الشفافية.

موقع "آذار" حصل على معطيات ووثائق تتعلق بالتحقيقات كما يتوفر على تسجيلات لدورة أكتوبر المثيرة للجدل، كما حضر الدورة الاستثنائية التي عرفت رفض الأغلبية المعارضة لميزانية 2020.

 تعميق البحث

أمر نائب وكيل الملك باستئنافية فاس الفرقة الجهوية للشرطة القضائية بتعميق البحث مع رئيس المجلس الجماعي لصفرو بعد أن تم الاستماع إليه رفقة رئيس وأمين مال مؤسسة "كرز"، ورئيس مصلحة الحسابات بالجماعة  إضافة إلى رئيس تعاونية للصباغة.

مصادر مقربة من التحقيقات أكدت، في تصريحات لموقع "آذار"، أن رئيس المجلس جرى التحقيق معه بخصوص  تفويت أملاك جماعية لمؤسسة "كرز"، جل أعضائها مستشارون جماعيون، واستخلاصها لأكرية وضخها في حسابها، وهو ما تأكد منه المحققون بعد الاستماع إلى رئيس المؤسسة وأمين مالها واطلاعهم على حسابات المؤسسة، كما تمت مطالبتهما بتحديد أوجه صرف منحة الجماعة البالغة 50 مليون سنتيم.

هذا التفويت الذي طالب رئيس وأعضاء المؤسسة، المنظمة لمهرجان حب الملوك، رئيس الجماعة، في أكثر من مناسبة، بالتراجع عنه وإلغائه بعد احتجاج جمعيات المجتمع المدني. وهي الطلبات التي ووجهت بالرفض بعد تمسك الفيلالي بقرار التفويت بدعوى قانونيته، وبكونه استفسر محامين حول الموضوع، تضيف مصادرنا.

كما تم التحقيق مع رئيس المجلس الجماعي حول حرثه لأرض مخصصة لمشروع المطرح العمومي المراقب للنفايات (45 هكتارا) خارج الضوابط القانونية .

وبحسب ذات المصادر فإن الرئيس احتفظ بنفس التبرير الذي قدمه للمجلس الجماعي بعد كشف الملف لأول مرة خلال دورة فبراير 2018 من طرف المعارضة، والمتمثل في اضطراره لحرث الأرض تجنبا للترامي عليها وحرثها فوضويا، وهو ما أثار سخرية المحققين الذين علقوا على جوابه بكونه شخصيا يعتبر متراميا على أرض الجماعة بعد أن قام بحرثها بشكل سري وبدون سند قانوني.

وعند سؤاله عن المحصول، الذي تم تحديد قيمته في 33 مليون سنتيم، أعاد الرئيس نفس الرواية المتعلقة بإيداعه المحصول المستودع البلدي وتخصيصه للعلف، تضيف نفس المصادر.

هذا الجواب فندته تصريحات المسؤولة عن سجلات المستودع البلدي، نافية، بشكل قاطع، تسلمها لأي محصول، وهو ما تم التأكد منه الأسبوع الماضي مباشرة بعد طلب وكيل الملك من رجال الشرطة تعميق البحث، حيث تم الاستماع إليها للمرة الثانية، كما تم الاطلاع على سجلات المستودع والتأكد من خلوها من أية إشارة حول المحصول السالف الذكر.

 كما تم الاستماع إلى حارس السوق الأسبوعي كذلك، الأسبوع الماضي، حيث أكد لرجال الشرطة أنه تم استقدام 21 قنطارا، فقط، من الشعير إضافة إلى كمية من التبن وتخزينهما بتاريخ 17 أبريل 2019، سنتان تقريبا على جمع المحصول، تؤكد مصادر الموقع.

استفسار وتهديد

شهادة المسؤولة عن المستودع البلدي  لمحققي الفرقة الجهوية للشرطة القضائية جرت عليها "غضب" رئيس المجلس الذي سارع إلى استفسارها عن "تصريحاتها إلى جهات رسمية" حسب نص الرسالة.

وكشف نقابي، رفض الكشف عن اسمه، في تصريح لموقع "آذار" أن هذا الاستفسار يعتبر تهديدا ورسالة إلى موظفي المجلس الجماعي لالتزام الصمت والتستر على خروقات الرئيس ودعوة لشهادة الزور، خصوصا أن الفرقة الجهوية للشرطة القضائية طالبت بأزيد من 160 ملفا، تتعلق بالملاحظات التي احتفظ بها التقرير "الأسود" لمفتشي وزارة الداخلية خاصة بالتعمير والتسيير المالي والإداري للجماعة، والتي كانت موضوع شكاية أخرى للمعارضة إلى وكيل الملك، إضافة إلى ملفات أخرى كشف عنها مستشارو المعارضة أثناء الاستماع إليهم لعل أبرزها ملف "عقد اتفاق" تحويل قطعة تجهيزات إلى قطعة سكنية، والتوقيع على تسليم تجزئات رغم رفض المصلحة المعنية (سبق أن كشف عنها موقع "آذار).

واستغرب ذات المصدر توقيت هذا الإجراء ودواعيه، خصوصا أنه يأتي بعد لقاء للرئيس مع ممثلي النقابات طالبهم فيه بإصدار بيان ضد خصومه السياسيين، في الوقت الذي لم يحرك ساكنا ضد رئيس المصلحة المالية، المتهم بدوره بشبهة "التزوير" في ملف "سند طلب" يتعلق بالصباغة، بعد أن ورط الرئيس من خلال تأكيده لمحققي الشرطة أنه ينفذ الأوامر فقط.

"هذه الازدواجية في التعامل، يضيف مصدرنا، راجعة، ربما، إلى كون المسؤول المالي، على اطلاع على معاملات الرئيس، وكذلك  لقربه الشديد من نائب للرئيس من "البيجيدي" يصول ويجول داخل الجماعة، والذي يوفر له "الحماية" رغم "خروقاته" الكثيرة وفشله في التدبير المالي للجماعة، وهو ما ظهر بشكل جلي خلال الدورة الاستثنائية الأخيرة المخصصة للتصويت على الميزانية.

دورة أكتوبر.. بلوكاج وجدال

صوتت المعارضة داخل المجلس الجماعي لصفرو ضد ميزانية 2020، كنقطة فريدة، ضمن جدول أعمال دورة استثنائية تلت دورة أكتوبر العادية التي عرفت بدورها رفض كل النقاط المدرجة بها والتي بلغت 48 نقطة.

وعرفت هذه الدورة ، حضرها موقع "آذار"، بالإضافة إلى النقاش حول الميزانية، امتناع رئيس المجلس عن الإجابة على استفسار لمستشار معارض حول صفقة اقتناء ملابس العمال، لم يتوصلوا بها سنة 2018 رغم تأكيد الخازن الإقليمي على صرف مبلغ الصفقة، بدعوى ضرورة الالتزام بجدول أعمال الدورة

هذا السؤال تفاعل معه رئيس المصلحة المالية بابتسامة ساخرة، قبل أن يحرج أمام المجلس عندما عجز عن توضيح بعض البنود المتعلقة بالميزانية، التي أعدها، أشار إليها مستشار من المعارضة قبل انطلاق عملية التصويت.

واتسمت جلسات دورة أكتوبر بصراع كبير بين الأغلبية المعارضة ورئيس المجلس الجماعي بعد جلسات استنزاف حسمتها المعارضة لصالحها بعد محاولات "هروب" الرئيس، خصوصا بعد لجوئه لرفع الجلسة لساعات ومحاولته تأجيل بعض النقط في خرق للقانون التنظيمي.

وحسب تسجيلات، فقد حظي ملف "زينيليك" للإنارة العمومية وتقرير المجلس الجهوي للحسابات حول النظافة (ملف "أوزون") بنصيب الأسد من النقاش داخل المجلس. حيث اتفقت تدخلات المعارضة على "تواطىء" الرئيس مع الشركتين، محملينه المسؤولية المباشرة حول الخروقات والتجاوزات التي يعرفها هاذين المرفقين.

فبخصوص ملف "زينيليك" (سبق لموقع "آذار" متابعة الملف) تم اتهام الرئيس بعقد صلح "مشبوه" في صالح الشركة دون الأخذ بعين الاعتبار مصالح الجماعة وتسليمه  400 مليون حتى قبل بداية الأشغال ومنحه ضمانة التسليم في خرق للقانون ولدفاتر التحملات، رغم أن المدينة غارقة في الظلام وتعرف أعطابا في الإنارة العمومية

أما مناقشة ملف "أوزون"، وحسب تسجيل للجلسة، فعرف جدلا كبيرا، بعد اتهام الشركة بالعجز عن تنفيذ ما جاء في دفتر التحملات، والتسبب في تحويل المدينة من حديقة المغرب إلى "مزبلة" المغرب، حسب بعض المستشارين.

كما تمت مواجهة الرئيس بتقرير المجلس الجهوي للحسابات حول التدبير المفوض، وصفته المعارضة بالأسود، الذي كشف خروقات "أوزون" واستغلالها لممتلكات الجماعة وعدم احترامها لالتزاماتها الاجتماعية اتجاه العمال.

وبينما حاول الرئيس التملص من المسؤولية، رغم كونه المخاطب الوحيد لمدير الشركة، وتحوير النقاش وتحميل المجلس السابق مسؤولية التعاقد مع الشركة وإعداد دفتر التحملات، واجهه مستشارون بأنه كان المسؤول المباشر حول هذا الموضوع خلال المجلس السابق بصفته نائبا للرئيس. وتم اتهامه بإقبار تقرير أعدته لجنة تحقيق مكونة من مستشارين حول عمل الشركة، سبق أن وصفه بتقرير المعارضة، كما تمت مجابهته باعترافات موظفة، خلال الجلسة، بخصوص استغلال الشركة لأملاك وكهرباء الجماعة إضافة إلى الماء دون مقابل، بعد أن كان ينكر هذا الأمر.

وحسب مصدر من المعارضة، فإن دورة أكتوبر عرفت رفض نقطة "مشبوهة"، تم إدراجها مع الميزانية في الجلسة الأخيرة للدورة، تتعلق بفتح طريق عمومية (SE016) من المال العام يستفيد منها صاحب تجزئة، يعتبر زبونا لمهندس سابق بالعمالة يلح الرئيس على منحه، وآخرون، صفقة تهيئة حدائق وساحات المدينة بشكل مباشر. مستنكرا في الوقت نفسه تعمد الرئيس إدراج أزيد من 20 نقطة غير جاهزة كالمدار الحضري والمقرر التعديلي لمطرح النفايات، أو يتوفر المجلس على مقررات سابقة كموضوع تنظيم الملك العمومي، فقط لإحراج المعارضة وللتباكي على الساكنة، وهو ما أكدته المغالطات التي حاول "الإخوان" الترويج لها، قبل أن نتصدى لها ونظهر زيفهم وتدليسهم  للعيان، يؤكد نفس المصدر.

وأكد مستشار سابق عن "البيجدي" لموقع "آذار" أنه على الرئيس تقديم استقالته، بعد فشله في الحفاظ على أغلبيته وسقوطه المدوي في دورة أكتوبر ورفض التصويت على الميزانية التي ستتكلف مصالح العمالة بإعداد أخرى خاصة بالتسيير فقط، مما سيوقف عجلة  التنمية في المدينة وتعطل مصالح المواطنين، مطالبا الفيلالي بالاقتداء برئيس جماعة راس الما بإقليم الناظور الذي قدم استقالته بعد رفض الميزانية مغلبا مصلحة الجماعة والمواطنين على مصلحته الشخصية.

عامل الإقليم.. غياب أم حياد؟

"في خضم التدافع السياسي بين رئيس المجلس الجماعي لصفرو والأغلبية المعارضة، تمت الدعوة بأغلبية مطلقة إلى دورة استثنائية عبر مراسلة، نتوفر على نسخة منها، بجدول أعمال محدد، قبل أن يفاجأ الجميع بالدعوة لهذه الدورة التي ستنعقد في الرابع من الشهر القادم، مع تغيير في جدول أعمالها"، يقول مصدر من المعارضة رفض الكشف عن اسمه.

وكشف ذات المصدر، أن الرئيس ألغى نقطتين مهمتين تتعلق الأولى بملف التهيئة الحضرية، في ما تتعلق الثانية بمجمع الصناعة التقليدية الذي تسلمته الجماعة من المجلس الإقليمي منذ أزيد من سنتين دون أن يبرح مكانه.

في المقابل، يوضح المصدر نفسه، أضاف الرئيس نقط تتعلق بإقالة مستشارين بدعوى الغياب بعد حذف المستشار والكاتب المحلي لحزبه عبد الحق شاكر من لائحة المتغيبين، علما أنه سبق مناقشة الموضوع في دورة سابقة، عرفت استياء كبيرا لأعضاء المجلس بعد تعمد الفيلالي "إهانة" رئيسه في المجلس السابق معزوز الذي انسحب من الجلسة، وتم خلال نفس الدورة إثارة انتباه رئيس المجلس إلى كونه لا يحترم القانون بخصوص مسك سجل الغياب وطرح المبررات للتصويت، وهو ما تمت الإشارة إليه في تقرير مفتشي الداخلية.

وأشار مصدر الموقع أن الرئيس بتعديله جدول أعمال الدورة خالف القانون وبالتحديد الفصول 36-37-38-39-40 من القانون التنظيمي  113-14 للجماعات المحلية، في ظل صمت "مريب" من مصالح العمالة، المفروض سهرها على احترام القانون.

واستطرد مصدرنا قائلا: "عند مناقشة ملف "زينيليك" لم يتردد رئيس المجلس في توريط عامل الإقليم بشكل مباشر في الملف، حيث ذكره بالصفة لثماني مرات، مشددا على موافقته ومباركته لذلك الصلح، دون أن يصدر أي توضيح من طرف السلطة لنفي أو تأكيد أقوال الرئيس، مما يفتح الباب أمام تأويلات بتواطىء من السلطة ضد مصلحة المدينة والسكان".

ولا يقف الأمر عند هذا الحد فقط، يقول مصدرنا، بل يتعداه إلى تغاضي السلطة عن الحملة الانتخابية السابقة لأوانها التي يقوم بها "البيجيدي" بعد "هزيمة" دورة أكتوبر والفشل الذريع في سياسة التضليل عبر البلاغات والخرجات الإعلامية، مشيرا إلى "وليمة" نظمت بحي الخاينة في منزل شقيق عون سلطة حضرها، إلى جانب رئيس المجلس وبرلماني الحزب والكاتب المحلي ومستشار جماعي، 40 شخصا، تم خلالها التطرق إلى ملف التهيئة الحضرية وتحميل المعارضة المسؤولية حول تعثر تنمية المدينة.