لحسن حداد يكتب: أنشودة العشق
سكون الليل يناجي القلب التائه
بين دروب الوِجد والرؤيا،
يضرب على وتر الصمت المدوي،
ضربا مبرحا ينزف له الجرح الغائر،
يغني للروح المُتعَبة، للعيون الضالة،
للزمن الذي ولّى دون أن ينصرف،
سكون الليل يعاتب القلب المكلوم،
عشقا وحُرقةً وهُياما.
أتيتُكِ على صهوة جوادٍ ضامِر النظرةِ،
اركبُ السرابَ، مَوْجا مَوْجا،
أجدف إلى الحُلم، إلى النظرة، إلى المُحَيَّا،
أسبح في بحر العيون، أبحث عن السِّرِّ صَدَفا،
حِلمُ الابتسامة يراودني،
لُطف النظرة العابرة يسامرني،
أتيتك ممتطيا ضامراً لعلي أستعيد اللحظة،
عشقا ووجدا وغراما.
مررنا ذات شتاء على الديار،
وما لون الديار أشعل نار القلب،
ولكن من أعطى اللون توهجا ونارا،
حُمرةُ القلب المحترق يشكو الهجْر،
حين هجَرَتِ الأوكارَ وبكت على رحيلها الأشجارُ،
عويل القلب الصامت في وادي الهجر،
كأنين الفؤاد يشكو غدر ذوي القربى والأنصارا،
مررنا ذات شتاء على الوْكر نرثي ذكراك،
عشقا ولوعة ونارا.
ولَّينا ظهرنا للدهر وتِهنا في غياهب الزمن
الذي يأتي ولا يأتي،
فجأة، يباغتنا في غفلة من قَدَرنا،
ظِبيةً في مرمى صياد لا يأبه عويلَ الذئاب،
رصاصة الزمن تتدحرج وتصيب،
هربنا من الزمن فهرب إلينا،
ولَّينا ظهرنا للماضي فظهر لنا ليلا،
ضاحكا، باكيا، حزينا.
سمعت صوتَ الليل الساكن مدويا،
أنينُ الجسد المكلومِ،
يردد أنشودةَ الفراقِ والبُعدِ،
على أوتارِ صمت الظلام،
نمنا على الحنين، ياليت الزمن يستيقظ
من صدمة الفراق،
من حرقة العشاق،
سمعت صوتي ليلا يناديك
مستنجدا، مستلهما، محترقا.