الخبر من زاوية أخرى

لماذا المرصد الوطني للمحافظة على الثروة الغابوية؟

Avatarخالد آوباعمر


مند حوالي ستة أشهر اجتمع عدد من الباحثين والحقوقيين والإعلاميين، للتداول حول فكرة إحداث المرصد الوطني للمحافظة على الثروة الغابوية كاطار جمعوي وطني لرصد وتتبع ومواكبة السياسة العمومية المتبعة في هذا المجال الحيوي، الذي أصبح يشكل هاجسا حقوقيا لدى شريحة واسعة من المواطنين المغاربة، الذين أصبحوا مدركين لأهمية المحافظة على الثروات الغابوية من الهدر والضياع، في ظل تنامي ظاهرة الاعتداء على هذه الثروة الوطنية التي تغطي نسبة مهمة من مساحة التراب الوطني. 
 
وقد كان من خلاصات هذا التداول، أن المجال لم يأخد حقه من المرافعة الحقوقية في ظل بروز وعي دولي متنامي من أجل الحفاظ على البيئة، وفي ظل بروز تحديات كثيرة ذات أبعاد وطنية واقليمية ودولية، أصبحت تشكل تهديد حقيقي لمستقبل الأجيال القادمة.
 
 كما أن السياسات العمومية المتبعة في المجال، ظلت محدودة رغم المجهودات التي بذلت في هذا الإطار من طرف المتدخلين المعنيين بانشغال البيئة عموما، والمحافظة على الثروات الغابوية وحمايتها من الاستغلال غير المشروع ومن تفشي جرائم الاعتداء عليها، على وجه الخصوص.
 
فكرة تأسيس المرصد الوطني للمحافظة على الثروات الغابوية، فكرة مواطنة ومبنية على تصور واقعي و بنيوي، ياخد بعين الإعتبار الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والسياسية ،ويحاول التأسيس لمفهوم الأمن البيئي، في إطار رؤية غير مفصولة عن الاهتمام الدولي المتزايد بموضوع التغيرات المناخية الذي أصبح يشكل أهم تحدي في عالم اليوم، بالنظر إلى مخاطر تلك التغيرات على مستقبل الأرض التي يحيى فيها الإنسان. 
 
ومن بين الأمور الأساسية التي تم الاتفاق عليها، في سياق الترتيبات الجارية لإعلان ميلاد هذا المرصد، كان هناك إجماع لدى أعضاء اللجنة التحضيرية على ضرورة تحصين الإطار وتمنيعه، وابعاده عن اي حساسية سياسية او حزبية او ايديولوجية، لأن الوازع الأساسي للمعنيبن بهذه المبادرة، هو المساهمة المواطنة والفعالة والبناءة والإيجابية في الجهد الجماعي الرامي الى حماية ثروات بلادنا الغابوية والمحافظة عليها بوعي ومسؤولية، حرصا على مستقبل الأجيال القادمة وحاجتها الماسة إلى بيئة سليمة كحق من حقوق الإنسان المتعارف عليها دوليا..
 
المرصد لن يكون تعبير عن نزوات شخصية، ولن يكون إطارا للمزايدة او الارتزاق الجمعوي، بل نريد له ان يشكل قيمة مضافة في فضاء جمعوي متنوع ومتعدد الرؤى والمقاربات والتصورات. 
 
نريده إطارا للتحسيس والتعبئة بأهمية المحافظة على الثروات الغابوية وحمايتها من كل أشكال العبث. نريده إطارا للرصد والتقييم، وقوة اقتراحية للمساهمة في حل الإشكالات العويصة التي ترتبط بتدبير مجال حيوي يعد ملكا لكل المغاربة. 
 
ندرك انه لكل بداية صعوبات، ونفهم أن طريق العمل لن تكون مفروشة بالورود، ونعي جيدا ان معاول الهدم موجودة كما توجد معاول البناء، لكن، رغم كل ذلك، عاقدون العزم على الانخراط في هذه التجربة التي ستنطلق متواضعة من أجل المساهمة الإيجابية في تقديم الأجوبة الممكنة على الإشكالات المطروحة بروح المواطنة، بعيدا عن الانتهازية المقيتة، وعن ثقافة النفعية التي أصبحت للأسف الشديد ثقافة متجدرة في الممارسة الجمعوية في بلادنا.