حملة المقاطعة.. عندما تتحول الحكومة إلى وكالة غبية في التواصل
من مع المقاطعة ؟ و من ضدها؟ ،سؤال متروك للحرية الشخصية . الحرية التي قد تصل الى عدم التفكير نهائيا في الموضوع ،أو عدم بناء موقف حوله.
الإشكالية بالنسبة إلي ، تكمن في موقف الحكومة : إنتصارها المبدئي و الحاد و العقائدي والمنفعل لشركات خاصة في " نزاع مدني" مع دعوات مواطنين لمقاطعة مواد استهلاكية ،هو موقف مخيف .
وظيفة الحكومة، هي بالتأكيد تجسيد فكرة حياد الدولة و الدفاع عن المصلحة العامة ، وهي بذلك ملزمة أخلاقيا بنفس المسافة الموضوعية تجاه مكونات معادلة السوق.
تحرير الأسعار و ليبرالية العرض والطلب ، لا تجعل الحكومة مجرد حارس للأقوياء ، انها كضامنة للعدالة و للحقوق ،مطالبة بضبط المنافسة و تصحيح اختلالات السوق.
حتى في أبشع تطبيقات فكرة الدولة /الحد الأدنى ،لايمكن ان نتصور الحكومة كمحام بلا أخلاقيات لكارتيلات السوق ،أو كوكالة غبية للتواصل و الاشهار في خدمة الشركات الكبرى ،و في مواجهة معلنة المواطن/ المستهلك الذي يتحول فجأة من زبون/ملك الى خائن شرير.
الليبرالية الاقتصادية نفسها تصبح تمشي على رأسها ،و قد مسها شيء مقرف من الستالينية التي وحدها كانت تستطيع تحول سلعة ما الى رمز مقدس ل"الوطنية" ،كتعبير عن انزياح الشمولية من السياسة الى الاقتصاد ،في التجارب التي آلت الى مقبرة التاريخ.
مع الآسف هي إذن حكومة السوق ،والأمر ليس مجرد مجاز ،بل حقيقة فاقعة.