الخبر من زاوية أخرى

العلاقات المغربية السعودية.. هل تخرج الأزمة الصامتة إلى العلن؟

Avatarعادل بن حمزة


إما أن هناك موقفا سعوديا من المغرب تتم بلورته بالتدريج، وقد تكون تغريدات تركي آل الشيخ المستشار بالديوان الملكي السعودي، أحد تعبيرات هذا الموقف الذي ربما أريد له أن يكون صامتا، لكن ملف ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم لكرة القدم 2026 وضرورة توضيح موقف الاتحاد السعودي، ساهم ربما في إخراج الأزمة الصامتة بين المغرب والسعودية إلى العلن.

بعيدا عن الكرة.. جاءت تعبيرات تركي آل الشيخ واضحة فيما يخص أسباب الأزمة غير المعلنة، و التي ترتكز على الموقف المغربي من الخلاف الخليجي وحصار دولة قطر، حيث عبر المغرب عن موقف متوازن يتمثل في الحياد التام والحفاظ على علاقته مع جميع أطراف الأزمة.

 وهو موقف يحسب للدبلوماسية المغربية، وكانت الزيارة الخليجية للملك محمد السادس ومن ضمنها الدوحة، تعبير عن هذا الموقف.. واعتقد الجميع أن باقي العواصم الخليجية تفهمت الموقف المغربي إلى أن جاءت تغريدات آل الشيخ.

أن يصف تركي آل الشيخ دولة قطر بـ"الدويلة" فهذا أمر يرجع لتقديره الشخصي. وهي، على كل حال، عبارة من عبارات كثيرة ميزت اللهجة التي رافقت الأزمة بين الرياض وأبوظبي والقاهرة والمنامة من جهة والدوحة من جهة أخرى. ووحدها سلطنة عمان من بين دول الخليج التي رفضت الإنسياق وراء الهجوم على قطر.

ما يسيء إلى المغرب في تغريدات آل الشيخ هو ما كتبه يوم 18 مارس الجاري، والذي جاء فيه "هناك من أخطأ البوصلة فإذا أردت الدعم فعرين الأسود في الرياض هو مكان الدعم. ما تقوم به هو إضاعة للوقت. دع "الدويلة" تنفعك…! رسالة من الخليج إلى المحيط". فالتغريدة تتحدث بوضوح عن المغرب بل استعمال صيغة المفرد تعبر عن جرأة/وقاحة، غير مسبوقة في الحديث مع المغرب.

 وهذه المستجدات تقتضي تقديم الملاحظات التالية:

أولا: الموقف المغربي من الأزمة الخليجية كان موقفا متوازنا ويحترم علاقات المغرب مع أصدقائه وأشقائه في الخليج.

ثانيا: الموقف المغربي يعبر بوضوح على أن المغرب لا يمكن أن يكون تحت وصاية أحد في تحديد مواقفه بخصوص الأزمات الدولية. وهذه المواقف لا يمكن أن يتم ابتزازها بأية صورة من الصور.

ثالثا: كان المغرب واضحا دائما في دعمه للصف العربي وللبيت الخليجي تحديدا. ونستحضر هنا مواقف الرباط من طهران في أزمتها مع المنامة. وهو الموقف الذي بلغ حدود وقف العلاقات الدبلوماسية لسنوات انتصارا للبحرين وللصف الخليجي في مواجهة إيران، لكنه عندما وقع الخلاف داخل البيت الخليجي نفسه، فإنه أخذ مسافة واحدة من الجميع.

رابعا: التحولات التي تجري في السعودية منذ تولي الملك سلمان العرش وتنصيب محمد بن سلمان وليا للعهد، أمور تهم السعودية والشعب السعودي، وكل التغيرات التي تعرفها المنطقة بفعل تلك التحولات، لا يمكن توقع تمديدها إلى المحيط، أي المغرب، الذي هو بلد عريق ولا يمكن أن يكون تحت وصاية أحد أو رهن إشارة أحد أو يلعب دور المناولة لأحد…

خامسا: لازال المغرب محافظا على التزامه مع السعودية في كل ما يتعلق بالتدخل في اليمن، ولو أن تلك المشاركة يجب أن تكون موضوع مراجعة بالنظر لاختلاف سياق البدايات والأهداف الأولى للحرب، ولا المسار الذي عرفته مما أضحى موضوع تقارير دولية بخصوص الوضع الإنساني. وهو ما يؤثر على صورة المغرب في المنتظم الدولي.

سادسا: أي موقف رسمي سعودي سلبي من ملف ترشيح المغرب لتنظيم كأس العالم 2026، لا يمكن أن تتم قراءته سوى كونه تعبيرا عن ضيق صدر القيادة السعودية الجديدة عن تقبل الاختلاف في القضايا التي تهم المنطقة.

 وقد يتجاوز ذلك الموقف مجال الكرة إلى مجالات أخرى تهم سيادة المغرب، وذلك لحمل المغرب على مراجعة تعاطيه مع ما تقرره السعودية. وهو أمر لا يمكن توقع خضوع المغرب له، لكن مع ذلك يجب الحذر منه.

سابعا: الدبلوماسية المغربية بحاجة إلى تطويق بقعة الزيت التي أطلقها تركي آل الشيخ، وذلك للوقوف على أحد أمرين، إما أن الرجل يتحدث بشكل شخصي، وهو ما لا يلزم الدولة السعودية بشيء أو يتحدث باسم جهة في القيادة السعودية، أو أنه يصرف موقفا رسميا سعوديا سيأتي الوقت لإعلانه.. وعند حصول القناعة بأحد الأمرين فإن المغرب لا يجب أن يتردد في إعلان الموقف المناسب.