واقعة الطفل المدهوس بجرادة.. السمعة الحقوقية للمغرب في قفص الاتهام
واقعة دهس طفل جرادة في الأحداث الأليمة التي شهدتها هذه المدينة الأربعاء الماضي هي بالفعل واقعة خطيرة للغاية.
وكم هو مؤسف جدا أن تتعامل البلاغات الرسمية والحكومية مع هذه الواقعة بتعتيم رسمي مقصود كما لو أن الأمر يتعلق بحادث عرضي وليس حادثا فظيعا يضع السمعة الحقوقية للمغرب في قفص الاتهام.
لكن الأخطر من ذلك هو ما روته والدة الطفل المدهوس في خروجها الإعلامي في أكثر من موقع إلكتروني.
السيدة قالت إنها وجدت صعوبة كبيرة في الوصول إلى ابنها لأن السلطات لم تتصل بها ولم تخبرها بأي شيء عن ابنها، بل إنه طلب منها أن تشتري بعض المعدات واللوازم الطبية إذا ما أرادت أن يظل ابنها على قيد الحياة.
أكثر من هذا، لقد تم ترحيل الطفل المدهوس من جرادة إلى وجدة باسم مستعار بدون علم الأم المكلومة التي لم تعد تطالب اليوم إلا بأضعف الأيمان وهو الحق في علاج فلذة كبدها.
ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل لا أفهم كيف ألا أحد من المسؤولين المحليين أو الحكوميين كلف نفسه عناء مواساة هذه السيدة الجريحة أو زيارتها في بيتها لعلها تشعر بأنها مواطنة مغربية وبأن حادث الدهس عرضي وليس منهجيا.
لقد مرت الآن أكثر من خمسة أيام على واقعة الدهس المؤسفة ولم نسمع أي شيء عما جرى تحديدا في هذه القضية التي تنسف كل الجهود المبذولة في رصيدنا الحقوقي.
وزير الداخلية عبد الوافي لفتيت، الذي أشرك معه كل القطاعات الوزارية في قرار استخدام القوة لمنع الاحتجاج بجرادة، تحدث عن كل أعمال التخريب التي قام بها المحتجون في حق قواته لكنه قفز عاليا على واقعة الدهس كما لو أن المدهوس "اجرانة" وليس طفلا من جرادة المغربية.
صحيح أن عبد الوافي لفتيت تحدث عن واقعة الدهس بالمجلس الحكومي وشرح كيف أن سائق السيارة الأمنية لم يكن هدفه دهس الطفل وإنما كان هدفه البحث عن منفذ للفرار بعد أن حوصر من طرف المحتجين، لكن لماذا لم تتضمن بلاغات الداخلية أو الحكومة هذه "التبريرات" التي بسطها الوزير؟
المثير أكثر هو أننا سمعنا عن اعتقال محتجين في هذه الأحداث الأليمة التي شهدتها هذه المدينة، لكننا لم نسمع أي شيء عن واقعة الدهس ولماذا لم تفتح الجهات المختصة أي تحقيق مع سائق السيارة الأمنية في هذه القضية؟
بقي فقط أن نقول. صحيح أن ما وقع مؤلم جد، لكن يبقى الأمل هو أن تصبح هذه التجاوزات جزءا من الماضي أما الحاضر فيتطلب عاجلا إنصاف الطفل المدهوس ومحاسبة الداهس لأنه لا أحد فوق القانون.






